في 2012، لم تستطع الثقافة الخليجية، وتحديداً السعودية، الإفلات من رقابة الأنظمة الملكية في الوقت الذي لا يزال فيه المثقف السعودي يطالب بإنشاء رابطة منتخبة للكتاب ودار نشر كبرى تعنى بتصدير الكتاب المحلي. أما السينما فلا تزال تحارب لإثبات وجودها في الساحة الثقافية. في مدينة أبها (جنوب غرب المملكة)، أنشئت جماعة سرية أطلقت على نفسها مسمى «شمع أحمر» سعت إلى تكريس حضور السينما شعبياً بعيداً عن التيارات المتشددة التي لا تزال تمنع صالات العرض في المملكة.
المفاجأة السينمائية في البلد المحافظ حدثت في ختام «مهرجان دبي» حين حصل فيلم «وجدة» لهيفاء المنصور ـــ أول عمل من إخراج سعودية يتم تصويره داخل المملكة ـــ على جائزة «المهر» الذهبي وجائزة أفضل ممثلة للطفلة وعد محمد. من ناحية أخرى، شهدت أبها إقامة مهرجان «سوق عكاظ» السنوي الذي كان مقرراً فيه تكريم الشاعرة الخنساء. لكنّ أصواتاً علت لمنع تكريمها بدعوى «إحياء الجاهلية». ربما كان على الشاعرة أن ترفع لافتة في صفحة «انتفاضة المرأة في العالم العربي» على فايسبوك احتجاجاً على تغييبها عن مهرجان يفترض به إحياء الشعر في الجزيرة العربية قديماً وحديثاً. يومها، استبدلت أخت صخر بالشاعر عنترة بن شداد في عروض مسرحية تناولت حياته وبطولاته. مع ذلك، تم تهميش دور ابنة عمه عبلة من ملحمة الحب والحرب «لأسباب جمالية» حسب مخرج العرض أحمد الصمّان. المهرجان السعودي الذي حاول تغييب دور المرأة، انتهى بمفاجأة عبر منح السودانية روضة الحاج «جائزة شاعر عكاظ للعام 2012». الرقابة على الكتب في السعودية ودول الخليج، باتت محط سخرية الصحافة والمراكز الحقوقية والثقافية. المملكة التي سجنت مخرجين وكتّاباً، منهم نذير الماجد والشاعر عادل اللباد وحبيب المعاتيق، وأخيراً تركي الحمد، أصبحت الكويت تجاريها في ذلك، وخصوصاً بعد سيطرة السلفيين على الحكم في الجارة الخليجية التي أمرت بإيقاف معرض التشكيلية شروق أمين، ومنع الكاتبة السعودية بدرية البشر من دخول أراضيها. فيما سحبت 350 عنواناً من معرض الكويت، منها أعمال الشاعر وديع سعادة. قضايا الرقابة على الثقافة وخنق الحريات، باتت تنتقل كالعدوى في الخليج. قطر ضاقت بقصيدة «الياسمين التونسي» للشاعر القطري محمد بن الذيب العجمي. القصيدة التي اعتبرتها السلطات تحريضاً على قلب نظام الحكم و«الإعابة في الذات الأميرية» رمت بالشاعر خلف القضبان وحُكم عليه بالمؤبد منذ أشهر. وأدانت «حركة شعراء العالم» (مقرها تشيلي) «محاكمة الكلمة» في دولة تقدّم نفسها على أنها نصيرة الشعوب. جزيرة النفط والغاز هزّ عرشها، سطر في قصيدة شاعر شعبي قال فيه: «كلنا تونس بوجه النخبة القمعية».