قبل أسبوع، التقى رئيس الحكومة المغربي عبد الإله بنكيران مثقفين ومبدعين وحدّثهم عن دعم الدولة للثقافة وتقبّله لكل الإنتاجات الفنية حتى الجريئة. اتفاقية سلم عقدها زعيم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي مع الجرأة في الفن، أم مجرد ذرّ للرماد في العيون؟ لا أحد يملك الإجابة. لكن الواقع شهد تجاوزات أعضاء من الحزب وبعض الوجوه الإسلامية، آخرها حملة على عرض مسرحي أقيم في تطوان بحجة أنّه يدعو إلى الميوعة والانحلال، كما يحب الإسلاميون وصف العروض «الجريئة». الجدل طال أفلاماً كالعادة، لكن ليس بالحدّة نفسها التي عرفها المغرب قبل سنوات.
الفنانون لم يصمتوا وخرجوا بمبادرات تنتقد «الفن النظيف»، أبرزها تصوّرهم في مكبّ للنفايات كاحتجاج على الانتقادات التي توجه لهم. الجدل انتقل إلى المؤتمر الأخير لـ«اتحاد كتاب المغرب» الذي جاء بعبد الرحيم العلام رئيساً للاتحاد بأغلبية الأصوات. المؤتمر كان ساخناً شهد انتقادات لسياسات الاتحاد ومواقفه من المجتمع المغربي وأسئلته الراهنة. لكن العلام عرف كيف يلعب على التوافقات ليحوز «شرف» تسيير دفة «الاتحاد المريض». مؤتمر الاتحاد جاء في وقت لا تزال فيه نسبة القراءة متدنية في المملكة، بينما لا إحصاءات عن مشهد النشر والقراءة. «المعرض الدولي للكتاب في الدار البيضاء» أهم مواعيد الناشرين، شهد هذه السنة دورة باهتة، وخصوصاً مع حلول السعودية ضيفة شرف. الحراك الأبرز كان على مستوى السينما. مدير «المركز السينمائي المغربي» نور الدين الصايل كشف أنّ المغاربة ينتجون 25 فيلماً سنوياً. وقد شهدت سنة 2012 عودة الجيل الجديد من السينمائيين ممن طبعوا الفن السابع المحلي بنبض مختلف. هكذا، عاد نور الدين لخماري بفيلمه «الزيرو» (الصفر) الذي يأتي بعد «كازانيغرا» ( 2008) صاحب أعلى الإيرادات في الصالات المغربية سنة إنتاجه. وكان «كازانيغرا» قد أثار جدلاً، وخصوصاً أنّه استخدم لغة العالم السفلي للدار البيضاء، ما أثار استياءً لدى شرائح من المجتمع. نبيل عيوش أيضاً عاد بـ«يا خيل الله» المستوحى من رواية «نجوم سيدي مومن» التي تحكي قصة شباب إرهابيين، منحدرين من سيدي مومن أحد أحياء الدار البيضاء المشهورة بالتطرف والجريمة.

2012 شهد عودة أحد أبرز المخرجين المغاربة. إنّه فوزي بنسعيدي الذي قدّم «موت للبيع». حمل فيلم بنسعيدي شاعرية عالية رسّخته كأحد أهم المخرجين في جيله. «مهرجان مراكش السينمائي» أعطى جائزته هذه السنة لفيلم اللبناني زياد دويري «الهجوم»، فيما رسّخت المهرجانات الكبرى مكانتها كمهرجان «موازين» الموسيقي في الرباط الذي أصرّ هذه السنة على تقديم أشهر الأسماء العالمية والعربية، بميزانية ضخمة امتصّت كل الدعم المخصص للمهرجانات الصغرى كـ«مهرجان غناوة» و«البولفار» في الدار البيضاء الذي أُلغي هذا العام مع أنّه شكّل طوال عقد المتنفس الوحيد للشباب المغربي العاشق للموسيقى البديلة. وبالحديث عن الموسيقى، شهد العام عودة الرابر معاذ بلغوات الشهير بـ«الحاقد» إلى السجن. عضو «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية أصرّ في أغنياته على مواصلة نهجه، وقد حاز قبل أسبوعين جائزة «ترانسبرانسي المغرب» كشخصية العام. السنة لم تكن كلّها مسرات. ودعت الثقافة المغربية عبد الرحمن باكو، نجم فرقة «ناس الغيوان». كما فقدت أحد رواد المسرح الشعبي المغربي أحمد الطيب العلج. وفي ما يخص المسرح، قُدمت مسرحية «ديالي» لنعيمة زيطان التي سمّت العضو النسائي بالعامية المغربية، ما أثار الجدل، بينما استمرت «دابا تياتر» في فرض نفسها كتجربة تصالح المواطن بالركح. لكن الشهر الأخير من السنة شهد توقّف التجربة موقتاً بعد خلاف بين أصحاب المشروع وإدارة «المركز الثقافي الفرنسي» التي تمنح الفرقة مسرحها في الرباط.