جدران «النعوة» هي الأكثر تعبيراً عن 2012 الذي لم يكن سوى صفعة في مسلسل الصفعات التي تعوّد السوريون على تلقّيها. لكن ما زاد في بؤس هذه السنة الكبيسة أنّها حوّلت أرض سوريا إلى مصيدة للإعلاميين الذين حاصرهم التهديد والترهيب والخطف، ليصل الأمر إلى التصفية التي طالت ثلاثة من فنّيي «الإخبارية السورية» بعد تفجير مبناها الكائن في الدروشة غرب دمشق، فيما تبنت «جبهة النصرة» قتل المذيع محمد السعيد. كذلك، عانى فريق الإخبارية في مدينة التل من شبح الاختطاف.
والنتيجة عودة الفريق من دون مساعد المصوّر حاتم أبو يحيى، الذي سقط قتيلاً على أيدي مسلحين، ليلقى المخرج باسل شحادة حتفه بنيران قوات النظام في حمص. كذلك كانت الحال مع صحافي جريدة «تشرين» مصعب العودة الله الذي قتل في حيّ نهر عيشة في الميدان، بالتزامن مع صمت جريدته المطبق وخشيتها من نعيه ولو بخبر صغير، فيما زفت الجريدة نفسها الصحافي ناجي أسعد الذي سقط في حي التضامن كشهيد للوطن لأنه قتل على أيدي الجماعات المسلحة. بعدها، اغتيل الفنان محمد رافع ونكّل بجثته ورمي في بساتين برزة، كذلك قتل الممثل الشاب طارق سلامة مع ابنه في مخيم اليرموك ليلقى الصحافي علي عباس مدير قسم الأخبار الداخلية في وكالة «سانا» مصرعه على أيدي مسلحين في منزله على خلفية طائفية بحتة. وفي منطقة جديدة عرطوز في ريف دمشق، تلقّى إعلاميو المؤسسات الرسمية المقيمون هناك تهديداً بالرحيل من المنطقة، وإلا سيلقون مصير زملائهم. وفي حوادث أقل صدمة، نجا مصوّرون في القناة التربوية والتلفزيون السوري من الموت بعد اختطافهم قبل إطلاق سراحهم. وتكرّر المشهد مع أشهر مذيعي التلفزيون السوري أمجد طعمة الذي اختطف من أمام منزله في برزة وأشبع ضرباً، قبل أن يخضع لتحقيق مشدد ويطلق سراحه. ومرت حادثة تفجير عبوة ناسفة في مبنى التلفزيون السوري من دون حصد أرواح، مكتفية بخسائر مادية وجروح خفيفة لبعض الموظفين.
من جهة أخرى، ولف القدر لعبته بموازاة الأحداث الدموية ليكون هذا العام المحطة الأخيرة لقطار مجموعة من الممثلين السوريين، أبرزهم: خالد تاجا، طلحت حمدي، محمد الشيخ، نجيب وصبحي الرفاعي.
وبعيداً عن جردة الرحيل الأخير، شهد العام موجة نزوح للفنانين السوريين إلى دبي والقاهرة وبيروت لتستقبل هذه الأخيرة كاميرات بعض المخرجين السوريين الذين بدأوا تصوير مسلسلاتهم هناك، فيما كان الحدث الإعلامي الأبرز حجب المحطات السورية عن القمرين العربيين «عرب سات» و«نايل سايت» وإطلاق قناة «الدنيا» محطة بديلة هي «سما»، بينما أطلق التلفزيون السوري قناتين جديدتين، هما: «التلاقي» و«عروبة»، لتلافي خطر العقوبة المفروضة بحقّه. على مستوى فردي، تعرّض نجوم الدراما لحملات تخوين وتهديد، وخصوصاً جمال سليمان وعبد الحكيم قطيفان، وكندة علوش التي فُبركت على لسانها تصريحات كاذبة عند وفاة زميلها محمد رافع. مرّ العام من دون أن يفارق بعض الممثلين أقبية التعذيب عند النظام السوري، ومنهم السيناريست عدنان الزراعي، والممثل والمخرج المسرحي زكي كورديللو، وابنه مهيار، والإعلامي مازن درويش. وفي أحداث أخف وطأة، سرت شائعات عن بعض النجوم السوريين ومنها شائعة موت بسام كوسا ووائل شرف، وشائعة طلاق نسرين طافش. وسرت جيوش إلكترونية تجاه صفحات النجوم لتخترقها وتلصق تصريحات مزوّرة بأصحابها، فنال عابد فهد حصته، وكذلك زوجته الإعلامية زينة يازجي، ولم تسلم صفحة أمل عرفة وقصيّ خولي من القرصنة، في حين اتخذت يارا صبري من صفحتها منبراً لتوثيق أسماء المعتقلين والشهداء السوريين. كل ما سبق في كفة، وفي الكفة الثانية وصمة عار تمثّلت في دخول الصحافي الإسرائيلي إيتاي أنغل مرتين إلى درعا وإدلب وتصوير ريبورتاجات ولقاء سوريين يعرفون أنّهم سيظهرون على شاشة العدو.