عاش الإعلام المغربي جزءاً من هذا العام على إيقاع الصراع الذي دار بين الحكومة ممثلةً بوزارة الاتصال (الإعلام)، وبين القنوات الرسمية حول «دفاتر التحملات» (قوانين تسيّر الإعلام الحكومي). الحكومة التي يقودها «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي، أرادت وضع بصماتها على الإعلام الرسمي عبر تقليص هامش حضور اللغة الفرنسية، وبرامج المنوعات، وتوسيع دائرة البرامج الدينية. أصرت إدارات القنوات على مواقفها، ورأت أنّ «دفاتر التحملات» المقترحة تجاوزت رسم السياسات العامة للقنوات إلى فرض خريطة برامج لا تستجيب لخطها التحريري. بعض المتابعين رأوا أنّ الصراع حول دفاتر المحطات التلفزيونية هو الجزء الظاهر من جبل الجليد وأنه امتداد للصراع بين جناح من السلطة وإسلاميي «العدالة والتنمية». الحزب الإسلامي الشهير بقصة عشقه مع قناة «الجزيرة» ذوّب الخلافات مع المحطة القطرية، وعقد مفاوضات معها كي تعود للعمل في المغرب بعدما كان قد طردها وأغلق مكتبها في الرباط. البعض يرى أنّ الصفقة الجديدة جاءت نتيجة التقارب الأخير بين المغرب وقطر.
هكذا ستعود القناة رسمياً إلى البلد في بداية السنة المقبلة. أوضاع الصحافيين شغلت جزءاً كبيراً من النقاش الدائر في المغرب هذه السنة. الحكومة سائرة في الإعداد لمشروع «المجلس الأعلى للصحافة» الذي يرى بعض الصحافيين أنه سيأتي عليهم بمشاكل إضافية بدلاً من تقديم حلول لأوضاعهم الاجتماعية والمهنية الهشة. إذ يروَّج بين أوساط الممسكين بزمام التحضير للمجلس أنّه قد يملك الحق في منح الترخيص بمزاولة المهنة، وحق المنع من ممارستها. وهو ما قد يشكل ضرباً للحريات. الصحافيون كانوا هذا العام ضحية للسلطات ولمهنتهم. ظلم ذوي القربى كان علامة بارزة، إذ عمدت جرائد كـ«البيان» و«المساء» ومجلة «الآن» إلى تسريح صحافيين من دون منحهم حقوقهم. الصحافيون تعرضوا أيضاً لاعتداءات من رجال الأمن، وخصوصاً عند تغطيتهم الاحتجاجات في مدن المملكة. ومن ضحايا تعنيف رجال الأمن الصحافي عمر بروكسي، مراسل «وكالة الأنباء الفرنسية» الذي كان يغطي وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان المغربي. قضية بروكسي كادت تشعل أزمة بين الوكالة والدولة المغربية التي بادرت بالاعتذار لـ«أ.ف.ب». لكن وزارة الاتصال سحبت اعتماد بروكسي بدعوى أنه أقدم على خطأ مهني في إحدى مراسلاته.
2012 شهدت إغلاق يومي «الشروق» لكنّه شهد أيضاً ولادة جريدة «الأخبار» التي أعادت رشيد نيني إلى أجواء الصحافة بعد قضيته المثيرة. نيني أول صحافي يقضي مدة محكوميته في سجون المملكة بسبب أحد مقالاته، بينما استفاد كل الصحافيين السابقين من العفو. وبعدما أخذ استراحة محارب وأعلن قطيعته مع جريدة «المساء»، عاد إلى الإعلام المكتوب من خلال «الأخبار» التي حققت مكانة قياسية في أرقام المبيعات لما يتمتع به نيني من شعبية. نهاية السنة أعلنت تجربة جديدة في مجال الإعلام، فمن رحم جريدة «هسبريس» الإلكترونية، ستولد مجلة بالاسم نفسه بطاقم شاب.
«النيو ميديا» تميزت هذه السنة بازدياد عدد الجرائد الإلكترونية. لكن السمة الأبرز لهذه المواقع هي التجارب شبه الهاوية التي يطبع أغلبها. ويبدو أنّ أمام الإعلام الإلكتروني طريقاً طويلاً قبل ترسيخ المهنية. وقد شهد العام اعتقال محمد سقراط، أحد أشهر المدونين المغاربة الشهير بانتقاده للمقدسات السياسية والدينية والاجتماعية. سقراط وجد نفسه بين القضبان، ليحكم عليه بسنة من السجن. والتهمة لم تكن التدوين بل ترويج الحشيش مع أنّ المقربين يقولون إنّ التهمة ملفقة. أخيراً، فاز الموقع الإخباري لحركة «مامفاكينش» بجائزة «تكسير الحدود» التي تكافئ تجارب الإعلام البديل التي تدفع بحرية التعبير إلى أقصاها.