رغم أنّ الحادثة ليست الأولى من نوعها، إلا أنّ غضب النقاد المصريين جاء كبيراً تجاه مقص الرقيب في «روتانا سينما» بعد العرض الأول لفيلم «رسائل البحر» (بطولة آسر ياسين، وبسمة، ومي كساب...) مساء الجمعة الماضي. إذ حذفت القناة السعودية عدداً كبيراً من مشاهد الشريط من دون العودة إلى مخرجه داود عبد السيد. ويأتي ذلك بعد الحادثة الشهيرة التي مرّ بها المخرج المصري خالد يوسف مع قناة «إيه. آر. تي» التي لم تتردّد هي الأخرى في حذف مشاهد عدة من فيلمه «حين ميسرة» (بطولة سمية الخشاب، وغادة عبد الرازق، وعمرو سعد، ووفاء عامر...). وقد أثار هذا الموضوع ضجّة كبيرة وقتها، واتّفق بعدها على أن يشرف المخرج بنفسه على عملية الحذف حتى لا تشوَّه دراما الفيلم بسبب الرقابة العشوائية. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أن كل محطة فضائية باتت تضمّ في صفوفها رقيباً يملك محاذيره الشخصية والخاصة. أضف إلى ذلك أنّ الحذف غالباً ما يحصل من دون مراعاة الأصول الفنية. إذ إنّ عملية الحذف التي تجريها الرقابة الرسمية قبل العرض التجاري للفيلم تأتي تحت إشراف المخرج والمنتج دائماً، وبالتالي لا يشعر الجمهور بأن هناك مشهداً قد حذف. لكن مع قنوات التلفزيون يختلف الوضع تماماً. الأمر لا يقتصر فقط على القنوات الممولة من السعودية، حتى محطة «الحياة» المصرية وقعت في الخطأ نفسه خلال عطلة عيد الفطر عندما حذفت 30 دقيقة من فيلم «ولد وبنت» لأحمد داود، ومريم حسن والمخرج كريم العدل، بدعوى أن البطلة ترتدي ملابس قصيرة. ثم سرعان ما خرجت تصريحات أخرى من المحطة تفيد بأنّ الحذف لم يكن لأسباب رقابية وأن القناة ستعيد بث الفيلم كاملاً. لكن الملاحظ أن المحطة التي تعيد أفلامها الكوميدية دوريّاً توقفت عن إعادة هذا الفيلم بعد الأزمة، رغم أنه وصل إلى جمهور السينما من دون محاذير رقابية، ولم يعرض حتى تحت لافتة «للكبار فقط» كما حصل مع فيلم «رسائل البحر».وجاء تصرف «روتانا سينما» مع «رسائل البحر» صادماً لمحبي الفيلم الذي حصل على لقب الأفضل في معظم الاستفتاءات التي تجرى في نهاية كل عام على أفضل فيلم مصري. كذلك رشّح لتمثيل مصر في مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي. لكن مقص «روتانا سينما» لم يهتم بكل هذا. ولم يقتصر على قصّ المشاهد الحسية للممثلات: بسمة، دعاء حجازي وسامية أسعد، رغم أنها من صميم الدراما، بل امتد إلى مشاهد أخرى عديدة كأنّ الصدام مع الفيلم جاء على المستوى الفكري، لا على مستوى المشاهد الحسية. وكما تؤكد الناقدة المصرية علا الشافعي، فإنّ العرض التلفزيوني الأول شهد حذف خط درامي كامل. وأبدت دهشتها من عدم لجوء القنوات العربية حتى الآن إلى التحذيرات التي تستخدمها القنوات الغربية عند عرض هذه النوعية من الأفلام، كأن تنبّه الأسرة إلى أنّ الفيلم غير صالح للأطفال. أو أن تعرضه في وقت متأخر بدلاً من تشويهه بهذه الصورة. من جهة أخرى، طالت الانتقادات موزعي الأفلام المصرية الذين لا يشترطون حماية الفيلم من الرقيب لدى بيعه للقنوات التلفزيونية كأنهم يبيعون الفيلم بالكامل، لا حق عرضه فقط، وكأن مهمة صنّاعه انتهت عندما يخرج الشريط إلى النور. وبعد ذلك، يحق لكل جهة عرض أن تفعل بالشريط ما تشاء!