تونس| نظّم إعلاميو تونس أمس اعتصاماً في مقر النقابة الوطنية للصحافيين غاب عنه أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة. الاعتصام الذي شارك فيه عدد كبير من أهل المهنة لم يكن من أجل المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية المتردية للعاملين في هذا القطاع، بقدر ما مثّل رد فعل تجاه الحظر الإعلامي على الانتفاضة الشعبية التي اجتاحت عدداً كبير من المدن التونسية. المحتجون أصدروا بياناً حصلت «الأخبار» على نسخة منه رفضوا فيه «مواصلة استعمال الإعلام الوطني العام والخاص بوقاً للدعاية والتزييف والتعتيم والتبرير لإجراءات القمع والبطش والتقتيل التي يتعرض لها شعبنا ونتبرأ من أشكال مغالطة الرأي العام». وأعلنوا بدءاً من اليوم الإضراب العام في قطاع الصحافة.التحرك الأول من نوعه يأتي بعدما سلّم الجميع بعدم وجود نية حقيقيّة لتحرير الإعلام رغم إقالة وزير الإعلام السابق أسامة الرمضاني، وتعيين وزير جديد هو سمير العبيدي، الذي كان يحسب في سنوات نشاطه الطلابي في صفوف الحركة اليسارية. رغم دخول الاحتجاجات في تونس أسبوعها الرابع، تواصل القنوات الرسمية مسلسل الصمت على اعتداءات الشرطة على المتظاهرين. ولم يتجاوز تعاطيها مع الأحداث سوى نقلها للموقف الرسمي الذي تبرّر به الحكومة عمليات قتل المتظاهرين للحديث عن «إنجازات» و«مكاسب» تحققت للجهات المنكوبة بفضل «السياسة» الحكيمة للرئيس بن علي!
التونسيون الذين أداروا ظهورهم منذ زمن للتلفزيون الحكومي والصحف، نحو المواقع الإلكترونية والقنوات الإخبارية العربية والدولية، وجدوا في «فايسبوك» ضالّتهم لمعرفة آخر مستجدات التظاهرات بالصوت والصورة. وتحول المئات منهم من خلال هواتفهم المحمولة إلى مراسلين ميدانيين لنقل الأخبار بعدما منعت السلطات الأمنية الصحافيين من أن يكونوا في موقع الأحداث.
الصحافي زباد الهاني قال لـ«الأخبار» إنّ «معالجة وسائل الإعلام التونسية للأحداث كانت بعيدة كل البعد عن المهنية، ولم ترقَ إلى تطلعات المواطنين». ورأى أنّ تعيين وزير جديد للإعلام لن يغيّر شيئاً «فأزمة الإعلام التونسي لا ترتبط بشخص الوزير في ظل غياب حرية الإعلام، مثلها مثل بقية الحريات الأساسية المفقودة في البلاد».
وفي محاولة فاشلة لاستقطاب الأنظار والتخفيف من الضغط الذي تمارسه وسائل الإعلام الأجنبية، بادرت بعض الصحف المقربة من السلطة إلى إرسال عدد من مراسليها لإنجاز ريبورتاجات، لكنها سقطت في فخ التوجيه والتضليل، وحاولت الإيهام بأن الأمور تتجه نحو التهدئة والاستقرار، على عكس ما يجري حتى الآن.
وعمدت السلطات إلى تهديد المواطنين الذين قاموا بتنزيل مقاطع الفيديو، ودمرت العديد من الحسابات الشخصية على «فايسبوك»، وشددت إجراءات حجب المواقع الإلكترونية.
وكانت المواقع الإلكترونية الحكومية عرضة طيلة يومين لهجمة منظمة من «قراصنة إنترنت» مشهورين بجماعة anonymous لإعلان تضامنهم مع التونسيين الذين يتعرضون لقمع مزدوج، بوليسي وإعلامي. وجرت قرصنة مواقع رئاسة الدولة والعديد من الوزارات قبل أن تعود إلى العمل.
وفي الأسبوع الماضي، قبضت السلطات على ثلاثة نشطاء على الإنترنت قبل أن تطلق سراح أحدهم. ويُعتقد أنّ إيقافهم مرتبط بالدور الكبير الذي أدّوه في مواكبة أحداث سيدي بوزيد والمدن المجاورة لها.