الرياض| كانت لحظة تاريخية بامتياز! يمكن استخلاص العديد من العبر من الثورة التونسية غير المسبوقة في العالم العربي. لكن لا بد من الإضاءة على جانب مهمّ، هو مساهمة الشباب التونسي في إسقاط الطاغية عبر التكنولوجيا الحديثة. حكاية تستحق أن تُروى. حكاية السلطة الخامسة (الإنترنت) حين تُسقط السلطة الأولى المطلقة (الديكتاتور) في ظل نظام مستبد يخشى الإعلام والكاميرا، ويحجب مواقع الإنترنت حتى بات مصنّفاً كأكثر الأنظمة عداءً للحريات الإعلامية.
لكن الحجب والتضييق لم يمنعا الشباب من تطويع التكنولوجيا لأهداف التحرك المطلبي الذي صار ثورة شعبية ناجحة. التوانسة تجاوزوا آليات الحجب المتخلّفة لينقلوا التظاهرات بالصورة عبر «يوتيوب»، و«ديلي موشن»، وكتبوا يوميات تحركهم في المدونات، وشكّلوا مجموعات على «فايسبوك» لتعريف العالم بما يحدث. ساند المهاجرون في الخارج الثائرين في الداخل. نقلوا صورة القمع البوليسي إلى العالم، وأمدّوا وسائل الإعلام التقليدية بمادة التغطية المطلوبة، وأحرجوا دول الغرب التي أرادت التعتيم على الثورة، وكشفوا مجدداً ازدواجيتها.
النموذج التونسي يمثّل سابقة تاريخية عربية، وسابقة على مستوى العالم من حيث حجم استخدام الإنترنت، ووسائل الاتصال الحديثة في تدعيم الثورة الشعبية والضغط على النظام الديكتاتوري، ما يعني زيادة حجم تأثير الإنترنت مقابل محدودية قدرة وسائل الإعلام التقليدية.
يبشّر هذا النموذج بدور أكبر للإنترنت في تفعيل الحملات والاحتجاجات الشعبية. وهو ما تتحسب له السلطات عبر تقييد الإنترنت بالحجب وفرض القيود. لكنّ هذا لن ينجح في ترويض الطاقات الشبابية التي حوّلت الإنترنت إلى ساحة حركة منتجة وقلبت الطاولة على رأس الديكتاتور.


إعدام «الديكتاتور الجبان»؟

حالما أُعلن عن مغادرة زين العابدين بن علي الأراضي التونسية، إنتشرت عشرات المجموعات على موقع «فايسبوك» تدعو إلى إيقافه ومحاكمته. وذهب بعضهم أبعد من ذلك حين طالب بقطع العلاقات مع السعودية التي قبلت باستقبال «الديكتاتور الجبان». كذلك لم يتردّد بعض الغاضبين بالدعوة إلى ملاحقة بن علي و»تعليقه على حبل المشنقة في ساحات تونس الخضراء... ليكون عبرة لكل رئيس مقبل».