الدراما اللبنانيّة ليست بخير. بل إنها تعيش مأزقاً حقيقياً مع إزدياد عدد الأعمال التي تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العمل الدرامي الناجح. وقد يكون السبب الأبرز لهذا المأزق أن شركات الإنتاج الخاصة في لبنان، تنفّذ أعمالها لصالح شاشة واحدة. وهذه الأخيرة تحدّد مبلغاً معيناً لا يمكن تخطيه، وفوق ذلك تماطل في الدفع. كل ذلك يؤدّي إلى تراجع نوعية الأعمال المقدّمة.
وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى عجز المسلسلات المحلية عن بلوغ المشاهد العربي. مثلاً لم يتمكّن «للحب وجه آخر» (كتابة طوني شمعون وإخراج إيلي معلوف) الذي عرض في رمضان الماضي من الوصول إلى العرض الفضائي. رغم أنّه يضم ممثلين جيدين مثل فادي ابراهيم، ونهلا داوود، ومجدي مشموشي، ووفاء طربيه، وريتا حايك. ووجدت «lbc الفضائيّة» الحل في تقديم عمل مُعاد هو «سارة» (كتابة كلوديا مرشليان واخراج سمير حبشي)، لمجرّد أن اسم البطلة سيرين عبد النور جذّاب للمشاهد العربي.
ومع ذلك، هناك عدد لا بأس به من الممثلين اللبنانيين الذين يتمتّعون بالموهبة. كذلك بات يمكن الرهان على أسماء محلية مطلوبة في الدراما العربية، خصوصاً في مصر وسوريا مثل نادين الراسي (الصورة) ، وعمار شلق، وفادي إبراهيم، وماغي بو غصن، وبيار داغر، وورد الخال، ودارين حمزة، وباسم مغنية... لكن تبقى المشكلة المحلية غياب نص قادر على مخاطبة الجمهور العربي.
علماً بأن التنوع الموجود في لبنان، يعطي فرصة إضافيّة لتقديم أعمال مختلفة.
ببساطة، الدراما اللبنانيّة، تحتاج إلى نظرة جديّة في وضعها، وتوجيه النقد إليها ليس كافياً، بل يجب إعادة النظر في عقليّة بعض المنتجين الذين يحكمون قبضتهم عليها، ويعتبرون بأنهم أصحاب فضل على المخرج والكاتب والممثل، لأنهم يؤمّنون الاستمرار لعجلة الإنتاج.
وإذا أردنا تسمية بعض الأعمال التي فشلت في الوصول حتى إلى الشاهد اللبناني، فإن اللائحة تطول ولكن أبرزها هو «ميتر ندى» الذي ستظلّ لعنته تلاحق أبطاله وكاتبته ومخرجته طويلاً. لكنه لم يكن العمل الفاشل الوحيد. ثمة أعمال أخرى تفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات الدرامية منها «الشيخة الأميركيّة» للمخرج زيناردي حبيس. وهو العمل الذي فشل لأسباب إنتاجيّة وسوء اختيار بعض الممثلين. ثم يأتي مسلسل «جود» (كتابة فراس جبران وإخراج فادي إبراهيم) الذي قدّم قصّة مليئة بالألغاز التي لا تناسب التلفزيون، وبدت حبكته الدرامية ضعيفة جداً... ورغم بروز بعض المسلسلات الجيدة، إلا أنها ظلّت غير قادرة على المنافسة لا إنتاجياً ولا كتابياً أو إخراجيّاً.
واللافت أنّ الأزمة لا تتوقّف عند حدود صنّاع العمل بل تتعدّاه إلى إدارة الممثلين شبه الغائبة عن أغلب الأعمال، وإهتمام معظم المخرجين بحركة الكاميرا فقط بإستثناء قليلون، من بينهم ميلاد أبي رعد وسمير حبشي.