طهران| حشدُ عشرات الأفلام على برنامج «مهرجان الفجر السينمائي الدولي ـــ 29»، لا يمثّل خطوة كبيرة. كثافة المشاركة أمر بديهي في بلد مثل إيران، يحتلّ صدارة الإنتاج السينمائي في منطقة الشرق الأوسط. لكنّ اللافت في الدورة التاسعة والعشرين التي تنطلق في 5 شباط (فبراير) المقبل، هو إخفاق المنظمين المتكرر، في إشراك مختلف الأطياف الفاعلة في السينما الإيرانية، بغضّ النظر عن مستوى انسجامها مع التوجهات الرسميّة. مرة جديدة
، تغيب أسماء كبيرة، أو تمتنع عن المشاركة. سينمائية ذات شهرة واسعة مثل تهمينه ميلاني، أنجزت شريطين أخيراً، ستعرض أحدهما خارج إطار «فجر»، فيما أعربت عن استغرابها وجود الثاني على برنامج التظاهرة، قائلةً إنّها لا تعرف من ملأ استمارة المشاركة! في هذه المساحة الرمادية ذاتها، يقف سينمائيون آخرون...
رغم ذلك، سيتدافع محبو السينما الإيرانية نحو شبابيك التذاكر. سيهجرون على الأرجح حفلات الافتتاح والختام وتوزيع الجوائز... لكنّ المنظمين البارعين في تفادي إحراج كهذا، سيجدون سبلاً لاستدراج الجمهور. جوهر المعضلة يكمن في مكان آخر. مشكلة السينما الإيرانية تدور رحاها بين تيارين، لم يتوصلا بعد إلى تسوية مقنعة: تيار السينما المستقلة الذي يطالب بدعم حكومي من دون وصاية، وتيار سينمائي آخر يرى أنّ مستوى السينما الإيرانية تردّى بعد تحوّلها إلى قطاع شبه مستقل!
مدير «مهرجان فجر» مهدي مسعود شاهي عرض أخيراً استحداث قسم جديد بعنوان «نظرة أخرى»، احتراماً لرغبة عدد كبير من السينمائيين الجدد. في هذا السياق، يشارك «مركز تنمية السينما الوثائقية والتجريبية» باثني عشر فيلماً. وهذا إنجاز بحد ذاته، فعدد هذه الإنتاجات يفوق الإنتاج العربي على مدار عام كامل. ويرى المدير العام للمركز شفيع اقا محمديان أنّ ««مهرجان فجر» يعطي صورة شاملة عن المفارقات والمتناقضات التي تحكم الفن السابع في إيران».
الجميع متفقون هنا على أنّ السينما الإيرانية تجاوزت مرحلة الدعم الحكومي، نحو مبادارت فردية لمبدعين موهوبين، وأنّها تحوّلت إلى قطاع صناعي شديد الصلة بالتكنولوجيا. أمّا الحلول المقترحة لتجاوز أزمتها الحالية، فتضاعف من تعقيدها: «تأسيس وزارة للسينما»، يقول المسؤولون الإيرانيون، «رفع الوصاية الحكومية»، يردّ المستقلون.
يشارك في «فجر 29» أهمّ نجمين عرفتهما السينما الإيرانية في السنوات الأخيرة، هما حامد بهداد، ونِكي كريمي التي أنجزت كمخرجة ثالث أفلامها الروائية، «صافرة النهاية». لكنّ مشاركة نجمين محليين، تبدو رهاناً خاسراً. معيار النجاح، بحسب السينمائيين، يتمثّل بقدر أكبر من النزاهة والحيادية، وإفساح المجال للطيف المستقلّ.

www.fajrfestival.ir