في رواية الكاتب السوري هزوان الوز «كتاب دمشق، حاء الحب، راء الحرب» (دار الفارابي) لم تستنفد «أريج» طاقتها على الحب رغم الزلزال العنيف بفقدان حبيبها مهيار عرابي، الصحافي الذي اختفى فجأة بعد خروجه من عمله، وقلقها على دمشق، المدينة العصية تاريخياً على الغزاة، والمُثخنة اليوم بآلامها.
تخاطبه برسائل وجدانية مفعمة بالشوق والحنين، مستعينة بأوراق سبق أن وضعها بين يديها لتتعرف إلى كيفية صوغ الخبر الصحافي، ليواجها معاً الحرب على الوطن والدولة والمؤسسات والحضارة والتاريخ والمستقبل.
كل هذا الشغف لا يخفي إحساس أريج بالحيرة والشك من حقيقة مشاعر مهيار وأفكاره تجاهها. تقول: «أشعر بأني مجرد رقم في الزمن الخالي من ذاكرتك. أعطني في علاقتنا سمة واحدة من سمات علاقات الحب الحقيقية أو أي علاقة تدل على وجود الحب أو طيفه بيننا. المهم أنني أحبك وأرغب أن أعيش تفاصيل حبك». تعجز عن التخلص من فكرة أنّ العلاقة بينهما موجودة بحكم انتهاء علاقته الأخرى التي لم تنته لأجلها. يعزيها أن علاقته بجمانة زوجته التي أنجب منها «شام» لم تكن على ما يرام وغير منسجمة، وبذلك سكنها شامان، دمشق التي تمضي إلى نومها مهدودة متعبة بأوجاعها، «وشام»، امتداد مهيار الذي لم تذق طعماً للحنان منه أو من جمانة. برأيها «شام» ستزيح العتمة التي حجبت الضوء عن المدينة وأوقفت مسيرة والدها المهنية، اللاهثة وراء قضايا الفساد وانتهاكها لعذرية المدينة القديمة على أيدي أصحاب الأموال الذين لا يعنيهم التاريخ في شيء.

قصة حبّ على خلفية
الحرب والدمار والآلام

في الرواية التي لا تغفل العنف الذي حل بالأرواح والحجارة، تحضر دمشق بماضيها وحاضرها «لم تكن شوارع الشام ومقاهيها وساحاتها ونواديها تعرف كيف تأوي إلى النوم إلا بعدما أن يبتسم الضوء لآخر خيط من تضاحك شفا عاشق شفتي حبيبته، حتى ينغمس الليل فيمضي إلى سرير الفجر... الشام اليوم تمضي قبل أن يلوّح قرص الشمس لقاسيونها بالرحيل، ما إن يبدأ الليل حتى تغط في نوم عميق كما لو كانت تحمل جبالاً على كتفيها طوال النهار».
مهيار لن يعود، لكن شام التي اختارت أن تدرس العمارة ستحمي المدينة من الدمار. أما أريج فستكون شهرزاد دمشق التي تؤجل موتها، وموت مدينتها «هذه الشام، الدمشق، الفيحاء، جلّق، التي أنجبتنا معاً، تذرف الآن دمعاً عليك بعد أن صرت طيفاً، بل بعد أن طواك غياب لا يعرف أحدٌ تفسيراً له إلى الآن».
الرواية تنطوي في جنباتها على إشارات كثيرة إلى ما كتبه المؤلفون القدامى حول تاريخ سوريا القديم والحديث. تتحدث بحبّ شديد عن دمشق وتعلق المؤلّف ببلده، وحُزنِه على ما ُيصيبه اليوم