القاهرة| لم يتردّد مذيع في «التلفزيون المصري» من الاعتراف مباشرة على الهواء بأن الشاشة الرسمية وقعت في أخطاء عدة خلال تغطيتها الأحداث السياسية والاجتماعية المصرية خلال السنوات السابقة. كذلك لم تَخشَ إحدى المذيعات في التلفزيون نفسه من إسكات أحد مؤيدي الرئيس حسني مبارك أثناء انتقاده المتظاهرين. لكن هذه الاستفاقة المتأخرة لـ«ماسبيرو» لم تكن كاملة
، ما دفع المتظاهرين في ميدان التحرير إلى مقاطعته مقاطعة شبه كاملة، فرفعوا لافتات تقول «الكذب حصري على التلفزيون المصري». أما السبب فهو استمراره في تلقّي مكالمات مؤيدة لـ«الاستقرار» لا للثورة. ودفع ذلك بعضهم إلى القول إنّ إدارة التلفزيون كانت تتأكّد من نية كل متّصل قبل السماح له بالحديث مباشرةً على الهواء. كذلك استمرّت القنوات الرسمية في بث أخبار تؤكّد فض الاعتصام في ميدان التحرير في القاهرة، وعودة الهدوء إلى الشارع المصري، بهدف بث اليأس في نفوس المحتجين. كذلك بدا واضحاً أنّ كل المداخلات السياسية كانت لمناصري مبارك و«الحزب الوطني» الحاكم. ولم يقف انحياز «التلفزيون المصري» عند هذا الحدّ، بل أصرّ على بثّ تصريحات لفنانين أمثال محمد صبحي، وحسن يوسف في الشريط الإخباري بهدف تجميع كل الأصوات الداعمة للنظام.
ورغم أن بعض المصريين انصرفوا عن متابعة قناة «الجزيرة» بسبب استمرارها في نشر الأخبار «المعبرة عن وجهة نظر واحدة أي وجهة نظر المعتصمين» كما قالوا، إلا أنّ «ماسبيرو» عجز عن حسم المعركة الإعلامية لمصلحته، ولم يتمكّن من جذب المشاهدين. على سبيل المثال، كانت الصورة الخلفية للمذيعين لقطة لـ«كوبري 6 أكتوبر» وهو خال من المارة لتأكيد هدوء الشارع. ومع قطع بثّ «الجزيرة» على قمر «نايل سات»، توجّه المصريون إلى متابعة «العربية» و«بي بي سي عربي»، و«الحرة» لمعرفة آخر التطورات على الساحة ـــــ حسب وجهة نظر كل قناة بالطبع. ولعلّ أكبر دليل على فقدان «التلفزيون المصري» صدقيته هو أن رئيس الوزراء الجديد أحمد شفيق أطلّ للمرة الأولى بعد تعيينه عبر قناة «الحياة» وبعدها بدقائق على قناة «المحور»، فيما اكتفى باتصال هاتفي مع تلفزيون الدولة.
أما تغطية القنوات الخاصة فلم تختلف كثيراً عن «التلفزيون المصري» إلا من خلال استضافة أشخاص مؤيدين لمبارك وآخرين معارضين. وحتى هؤلاء الذين يطالبون بحلول وسطية وجدوا لهم مكاناً على الشاشة. هكذا، تابع المشاهدون عدداً من المواقف المؤثّرة، مثل بكاء عمّار الشريعي على الهواء مباشرة مطالباً الرئيس بالرحيل «حقناً للدماء»، وهو الذي لحّن له عدداً من الأغنيات الوطنية. كذلك شاهدنا منى الشاذلي وهي تبكي مساء أول من أمس، بعد انتهاء مبارك من إلقاء كلمته! لكن سرعان ما فوجئت من خلال مراسل برنامجها «العاشرة مساءً» الذي قال إن المعتصمين في ميدان التحرير لم يتأثروا بالكلمة وما زالوا مصرّين على موقفهم المطالب برحيل حسني مبارك عن سدة الرئاسة.
كذلك كان هناك عدد من المواقف المستفِزّة أبرزها إطلالة مرتضى منصور على قناة «المحور»، إذ خصص حديثه لمهاجمة أمير قطر وزوجته، كأن أزمة مصر سببها قناة «الجزيرة». أما برنامج «الحياة اليوم» فنقل خبراً نشره «اليوم السابع». وكان الموقع الأخير قد بثّ تقريراً منسوباً إلى «ويكيليكس» يقول إنّ وزير خارجية قطر تعهّد لمسؤولين إسرائيليين أن تتولّى «الجزيرة» «تجييش الرأي العام المصري في حال قيام أي حركة مضادة لنظام مبارك». كذلك تحدث الفنان حسن يوسف إلى عدد من القنوات المصرية مؤكداً أن هناك «خلايا إيرانية دخلت مصر منذ أشهر استعداداً لأي تظاهرات تهدف إلى تقويض الاستقرار المصري».


إعلاميون مستهدفون

بعد اندلاع الصدامات بين المؤيدين والمعارضين للرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة، عاد الإعلاميون المصريون إلى الواجهة. هكذا أصيب عدد منهم بجروح ورضوض جسدية. وكان أبرز المراسلين المصابين من الفريق المؤيّد لمبارك، إذ نقل مراسل فضائية «العربية» أحمد بجاتو إلى المستشفى بعد الاعتداء عليه بالضرب. وأكد فريق برنامج «الحياة اليوم» الذي تعرضه قناة «الحياة»، أن هبة الأباصيري، وسارة حسين تعرّضتا للاعتداء. وكان أسد الله الصاوي مراسل «بي بي سي عربي» قد تعرض لإصابات بجروح في «جمعة الغضب»، وهو اليوم نفسه الذي تعرض فيه أحمد منصور مذيع «الجزيرة» للضرب على أيدي رجال الأمن قبل أن يُعتقل لفترة قصيرة ثم يُطلق سراحه.