دمشق ــ توقف النجوم السوريّون عن التفكير في أعمالهم ومشاريعهم المستقبلية في هوليوود الشرق، إذ إنّ الوقت لم يعد مناسباً للتأمل في الأحلام الوردية التي يطمح عدد كبير من نجوم الدراما السورية إلى تحقيقها على أرض الكنانة. الكل يتعاطف مع الشعب المصري، ويأمل أن تسوّق له الشاشة الصغيرة خبراً عن عودة الأمن إلى الشارع، رغبة في عودة عجلة الدراما إلى الدوران، وبدء إنجاز الأعمال التي أُجّلت حتى إشعار آخر، وخصوصاً أنّ المحروسة صاحبة فضل كبير على الكثير من نجوم سوريا، إذ أسهمت في توسيع دائرة شهرتهم عربيّاً.وفيما ترك الكثير من نجوم مصر حسابات الخسارة والربح، وانضمت مجموعة من كبار نجوم الدراما والسينما المصريّتين، أمثال محمود عبد العزيز، وصلاح السعدني، ومحمود حميدة، وخالد الصاوي، إلى المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة، استطلعت «الأخبار» آراء بعض نجوم الدراما السورية، وأوّلهم أولئك الذين عاينوا هموم الشعب المصري عن قرب من خلال عملهم في الدراما المصرية وتعاطيهم مع المجتمع المصري ومسلسلاته التلفزيونية. لكنّنا اصطدمنا بالجواب ذاته. رجا هؤلاء عدم إقحام أهل الدراما السورية في الأزمة المصرية، رغم أن النجوم السوريين أدلوا برأيهم سابقاً عند وقوع الأزمة الجزائرية المصرية، إثر مباراة أم درمان الشهيرة. لكنّهم يرون أنّ المسألة تختلف كلياً هذه المرة. هكذا، خيّمت الدبلوماسية على أجوبتهم من دون ذكر «ثورة الغضب» ولو مرةً! وإذا كانوا منحازين إلى نبض الشارع المصري، فقد طلبوا منّا عدم ذكر اسمهم، لأنّ ذلك قد يسبّب لهم مشاكل في عملهم في المحروسة.
أحد النجوم السوريين فضّل عدم ذكر اسمه رأى أنّ المجتمع المصري كان لا بد له من الانفجار لانعدام حالة الحوار بين الشعب والسلطة. وأضاف أنّه لن يدلي بتصريحات قد تؤذي فرص عمله في هوليوود الشرق، ما دام الشعب المصري حساساً جداً تجاه تدخلات غير المصريين في شؤونه! الحالة ذاتها تتكرر عند نجم آخر فضّل الصمت، على اعتبار أنه لا يمكن أن يفصح علناً عمّا يدور في ذهنه، لأن الأمر قد يؤذيه مستقبلاً. وفي الوقت ذاته، فإنه يكره أن يطل بمظهر الدبلوماسيين والسياسيين الذين يثيرون الاشمئزاز بمحاولاتهم الواهية للتقليل من أهمية ما يجري!
في زحمة انهماكها بتصوير مسلسل «الولادة من الخاصرة»، تغتنم المخرجة السورية المصرية رشا شربتجي الفرصة مرات عديدة لتتوقف لحظات عن التصوير كي تجري اتصالاً بأهلها في مصر، تطمئن إلى أحوالهم وتعود إلى العمل. ثم تختصر رأيها في ما يحدث قائلةً لـ«الأخبار»: «كل ما أتمناه أن يعمّ الأمن والسلام في أرجاء مصر مهما كان الثمن وتحت أي ظرف»، ثم ترفض أن تضيف أي كلمة أخرى. أما المطربة السورية أصالة نصري، المقيمة في مصر، والتي مُنعت أخيراً من الغناء في المحروسة، فقد علمت «الأخبار» من مصادر مقرّبة منها أنها رفضت مغادرة مصر، وفضّلت البقاء مع شقيقتها أماني ووالدتها في القاهرة، على اعتبار أنّ مصر بلدها الثاني.
جمال سليمان الذي كان من أوائل النجوم السوريين الداخلين إلى هوليوود الشرق، صرّح بعد عودته من القاهرة بأنّ الأحداث التي تشهدها المحروسة مؤسفة، وتضع البلد كلّه في محنة حقيقية. واكتفى بالقول: «لو خُيّر المصريون بين أي جانب من جوانب الحياة لديهم والاستقرار، فإنهم حتماً سيختارون الاستقرار، وكلنا معهم في ذلك». ولا تختلف الممثلة سلاف فواخرجي عن النجم السوري. بعد عودتها إلى دمشق منذ أسبوع، صرّحت أنّها لم تكن تتوقع تفاقم الأوضاع في مصر، ووصولها إلى هذا المستوى من التوتّر. واكتفت بالقول إنّها حزينة لما يحدث في مصر، من دون التوقّف عند التظاهرات المليونية المطالبة بتنحّي مبارك!
لكنّ المفاجأة فجّرتها سمر سامي التي اعتادت عدم الظهور إعلامياً إلا في ما ندر. لكن هذه المرة بدت النجمة السورية القديرة منحازةً بالكامل وصراحةً إلى نبض الشارع المصري و«ثورة الغضب». وقد أبدت حماسةً كبيرة للحديث معنا، فراحت تخبرنا بأنّها هجرت موقتاً عادتها اليومية في القراءة، وباتت تقضي أوقاتاً طويلة جداً أمام شاشة التلفزيون، تتنقل من محطة إخبارية إلى أخرى، لتترقب بفرح عارم ما يحدث في الدول العربية من انقلاب على الأنظمة الطاغية، كما تسمّيها. وتقول: «فرحي مشوب بحزن كبير على القتلى والجرحى الذين يسقطون كل يوم. لكن من المعروف أنّ الثورة تحتاج إلى تضحيات، وما يحدث في الوطن العربي من تونس وصولاً إلى مصر والتظاهرات في دول أخرى، يؤكد بيت الشعر الشهير لأبي القاسم الشابي: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر. وأشدّد هنا كثيراً على كلمة «إذا»، لأنّ الإرادة هي الأساس الذي يحرّك الثورة عند الشعوب».