طهران | كان «مهرجان فجر السينمائي الدولي» السبّاق إلى تكريم أصغر فرهادي. في حفلة الختام التي انعقدت مساء الأربعاء الماضي في «برج الميلاد» في طهران، مُنح شريط «انفصال نادر وسيمين» جائزة «العنقاء البلورية» عن أفضل سيناريو، وأفضل إخراج، وأفضل فيلم من وجهة نظر الجمهور. ومساء أول من أمس، حصد فرهادي جائزة «الدب الذهبي» في «مهرجان برلين»، رغم تفاقم الخلافات بين الحكومة الإيرانية و«البرليناليه». وذلك يدلّ على مهارة السينمائي الإيراني في توظيف لغة السينما، بهدف تناول قضايا اجتماعية إشكالية. يحرص صاحب «عن إيلي» على تناول تفاصيل في غاية الدقة من السلوك البشري، وخصوصاً لناحية علاقته مع الآخر. يقدِّم خارطة متشعّبة من الاحتمالات، مع حذر شديد من تقديم أي حكم قيمي.«لا أملك أي نظرة مطلقة إلى العالم وإلى الحياة، نظرتي إلى جميع الأشياء نسبية، وهذا ما ينعكس في أفلامي»، يقول.وكانت جائزة «العنقاء البلورية» التي يمنحها المهرجان السينمائي الإيراني لأفضل فيلم، من حصة «الجريمة» لمسعود كيميائي. يعود المخرج الإيراني في هذا الفيلم إلى الأجواء التاريخية والاجتماعية والسياسية للسنوات التي سبقت انتصار الثورة. ويتناول العمل حياة أفراد غير قادرين على التخلص التام من اقتناعات سابقة، رغم الشكوك التي تساورهم. وكان بديهياً أن يحظى فيلم كيميائي بالإهتمام، نظراً إلى مكانته كمخرج في الذاكرة السينمائية الإيرانية. فشريطه «قيصر» (1969) كان أوّل تجربة تمزج بنجاح بين الفني والتجاري، وهو المؤسس الأول لتيار الموجة الجديدة في بلاده. لكنّ الاهتمام الخاص في «فجر 29» كان من حصة «انفصال نادر وسيمين» لفرهادي، و«تقرير عن حفلة» لإبراهیم حاتمي‌ كیا.
ما ميّز الدورة الأخيرة من «فجر» كان العدد الكبير من الأفلام المشاركة، وقد بلغ ضعف الدورة السابقة. كذلك جاءت نوعيّة المشاركة متميزة، مع مخرجين يحظون باهتمام النقاد والجمهور، مثل مسعود كيمیائي، وإبراهیم حاتمي كیا، وأصغر فرهادي، ورضا میركریمي، وداریوش مهرجوئي، وتهمینه میلاني، وسیروس الوند، وبهروز أفخمي. لكنّ ذلك لم يحل دون شعور الجمهور ببعض المرارة في نهاية المهرجان. ويرى النقاد الإيرانيون أنّ الخلل يكمن في السيناريوهات.
ترقّب الإيرانيون فيلم «طفل الفجر» للمخرج الإيراني بهروز أفخمي، بسبب الجدل الكبير المثار في شأنه. ويعدّ هذا الشريط من أكثر الإنتاجات تكلفة في السينما الإيرانيّة، ويركز على طفولة مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الموسوي الخميني. صحيح أن أفخمي (عضو في حزب المشاركة الإصلاحي) ما زال يعدّ نفسه «تلميذاً للإمام الخميني»، لكنّه لم ينج من الانتقادات اللاذعة، على خلفية التضارب في وجهات النظر بين الإصلاحيين والمحافظين بشأن شخصية المؤسّس.
تجدر الإشارة إلى أنّ شريط «33 يوماً»، الذي صورّه المخرج الإيراني جمال شورجة في جنوب لبنان، نال «جائزة العنقاء البلورية لحقوق الإنسان»، بحضور بطله الممثل اللبناني بيار داغر.