شريط بهيج حجيج الذي نال جوائز عدة بينها جائزة أفضل فيلم عربي في «مهرجان أبو ظبي»، وصل أخيراً إلى الصالات اللبنانية، مع نجومه: حسان مراد وجوليا قصار وكارمن لبّسالرجل القابع في زنزانة محتشدة بالبشر، سيطلق سراحه مع بداية فيلم بهيج حجيج «شتّي يا دني». المفقود رامز (حسان مراد) لن يبقى كذلك، سيعود إلى حياته المسروقة منه بعد عشرين سنة، ليمسي كل شيء مفتقداً فيها أيضاً، وسيترافق مع عجزه عن التأقلم مع محيطه بدءاً بابنه وابنته اللذين نشآ وعاشا في غياب الأب. سيكون هو بدوره عاجزاً عن ممارسة دور الأب أو استعادته، ومعه أيضاً دور الزوج. هكذا، سيمسي مشغولاً عن عائلته بتجميع الأكياس، والتنقل على غير هدى في شوارع بيروت، إلى أن تقوده خطواته الهلعة إلى زوجة وحيدة (كارمن لبّس) تنتظر أيضاً زوجها المخطوف.
مصادفة تقول لنا إنّنا أمام فيلم مبنيّ درامياً على موضوع المخطوفين. لا بل خارج أي سياق درامي، ستحضر لازمة تتمثّل في رسائل أم كانت تنشرها في جريدة «السفير» وتكتب فيها انتظاراتها الطويلة لابنها المخطوف. وعليه، فإن منطق الفيلم هو منطق موضوعه أولاً وأخيراً، بما في ذلك ماري زوجة رامز (جوليا قصار) التي سنتعقب عبرها سرداً غير مكتمل لما كانت عليه حياتها أثناء غياب زوجها. سيبدو ولا يبدو أنّ هناك رجلاً آخر في حياتها. وبالتأكيد ستكون هي مَن حافظ على كل شيء في غياب الزوج. عملت وربّت وسهرت، بينما تبدو المرأة الأخرى (كارمن لبس) لا تفعل شيئاً سوى الانتظار، وهي بدورها محمّلة بما سيحظى باهتمام المخطوف. ستكون مادة جمالية صالحة للحب من دون حب أيضاً.
التأسيس للفيلم وفق هذه البنية سيؤدي به إلى اتباع منطق البديهيات، حيث العلاقات مأزومة طبعاً بسبب غياب هذا الرجل الذي صار عاطلاً من الحياة بعد إطلاق سراحه. وسيكون الاتكاء هنا على الحوار الذي سيتّخذ في أحيان كثيرة شكل محادثة لا شكل حوار درامي. فما يعطل حياة رامز، سيكون معطلاً أيضاً للدرامية. وبالرجوع إلى رهان الفيلم على موضوعه، فإن المنطق الذي سيتحكم بمسار الأحداث سيتمّثل أولاً وأخيراً في أنّنا حيال مخطوف سابق وحياته بعد إطلاق سراحه، ولن نكون أمام أحداث يمكن تتبعها في تناسلها أو تسلسها إلا من خلال مصادفة تعرّفه إلى المرأة الوحيدة، وعجزه عن القيام بواجباته تجاه عائلته. ثم ستأتي مصائر عائلته بعد اقتحامه حياتها، رغم أنه في النهاية لن يغيّر مسار أحد من أفرادها: لا ابنته (ديامان بو عبود) التي تواصل حلمها الموسيقي، ولا الابن الذي لا يريده أن يتدخل في حياته، ولا حتى زوجته التي تواصل مسؤولياتها الحياتية، فيما سيكون عاجزاً أيضاً عن تلبية رغباتها الجنسية. ويأتي المطر نهايةً لا بد منها، ما دام هناك شيء لم يكتمل، وتركت الخيوط التي يفترض أنها درامية على مساراتها غير المكتملة.

«شتّي يا دني»: بدءاً من الخميس 24 شباط (فبراير) الجاري ــــ «صالات أمبير». للاستعلام: 1269