البحث عن جبران في لوحاته ورسومه مهمّة صعبة، وخصوصاً إذا أردنا الابتعاد عن الكليشيهيات والصور التي حفظها الناس عن الكاتب اللبناني، وكما قدّمته الأعمال المسرحيّة والدراما التلفزيونيّة سابقاً. رحلة شاقّة قطعها المخرج جو مكرزل، الذي يقدّم إلينا عملاً استعراضياً بعنوان «لوحة عمر جبران»، يعرّفنا إلى صاحب «النبي» كما لم نعرفه من قبل، ويستمر عرضه حتى نهاية آذار (مارس) في «كازينو لبنان». اختار اللوحات الكاتب وهيب كيروز، الذي يحفظ متحف جبران في بشري (شمال لبنان)، قبل أن تنصهر في نص رودي رحمة، وكوريغرافيا فرانسوا رحمة، وموسيقى إياد كنعان (سجلت الموسيقى في كييف). احتاج العمل إلى اختيار اللوحات المعبّرة، وتقديمها في تابلوهات راقصة جميلة، تظنّها غالباً خارج السياق، قبل أن يعيدك المشهد الأخير إلى فكرة ارتباطها بالنتاجات الجبرانيّة. مع ذلك، ظل سؤال «أين جبران من العمل الاستعراضي؟» حاضراً بقوة خلال تتبّع العرض. البطولة الفعليّة للمسرحيّة، لم تكن لوسام سعادة، الذي نراه للمرة الأولى على المسرح في شخصيّة جبران، ولا لجانين داغر في شخصيّة ماري هاسكل، ولا حتى للممثل القدير جهاد الأطرش، في شخصيّة «السابق»، الذي يلحق جبران ويسبقه على الدرب ويُلهمه. باختصار، البطولة هي للفرقة الاستعراضيّة التي جمعها أسعد الياس من لبنان وسوريا، فقدّمت 20 استعراضاً ووُصَلاً راقصة تحمل جماليّة في الأداء والتعبير. هنا نشهد ولادة عمل استعراضي متقن لا مسرحيّ، رغم إصرار رودي رحمة ـــــ الذي حوّل النصوص الجبرانيّة إلى لغة فنيّة ـــــ على التسمية. وهو يتناول «مرحلة من عمر النابغة اللبناني... عبر استعراض لوحات عمره التي رسمها في ذاكرة متواصلة أرّخت للعائلة الجبرانية في لوحة أولى مروراً بمجاعة الحرب العالمية الأولى، إلى لوحة المقيّد والتطهّر والحركة التصاعديّة، وسالومة، وصولاً إلى لوحة المشاهد، وانتهاءً بموت جبران». يشرح رودي رحمة تفاصيل اللوحات، من لوحة المجاعة، حيث الجوع يأكل الأم، والطفل يصرخ على موتها وسواها من اللوحات، إلى تداخل الأغنيات في قلب القصّة الدراميّة، «وصولاً إلى موت جبران وعودة روحه عبر التقمّص بروحيّة جديدة». يدرك رحمة عدم معرفة الجمهور شخصيّة جبران الرسّام، «لأننا نعرف أدب جبران وفلسفته، لكنّ اطّلاعنا على رسومه قليل»، وهو يؤمن بأن «ما تقدّمه المسرحيّة فيه من الماضي والحاضر والمستقبل، وممّا نعيشه اليوم من ويلات»، لافتاً إلى أن «هذا المسرح صعب، لأنه يتناول شخصيّة صعبة».

«جبران لوحة عمر»: حتى 30 آذار (مارس) ـــــ «كازينو لبنان» (المعاملتين/ شمال بيروت). للاستعلام: 03/915505