Youth Generated Media أو «الإعلام الذي ينتجه الشباب» هو المصطلح الذي اعتمده الأستاذ المساعد في جامعة «نورث ويسترن» في قطر، جو خليل، للدلالة على مجموعة واسعة من الوسائط التي يعتمدها الشباب العربي للتعبير عن نفسه. كلام خليل جاء خلال ندوة «صنع وحلّ الانتفاضات، تأملات في وسائل الإعلام الخاصة بالشباب» التي نظّمها منتدى «مؤسسة عصام فارس» أول من أمس في «الجامعة الأميركية في بيروت». دراسات هذا المتخصص في مجال الإعلام الجديد (نيو ميديا) تصبّ اليوم في قلب الحدث الذي «لم أكن أتوقعه حين بدأت بالعمل منذ سنوات عدة» كما قال.
«الإعلام الذي ينتجه الشباب» هو «آلية لاستعادة هؤلاء منبراً يطلقون من خلاله نتاجهم الفكري والفني والسياسي والاجتماعي... المتقارب والمعبّر عنهم، يخلقونه، يتداولونه، ويستهلكونه». بهذا المعنى، يصبح هذا الإعلام أوسع نطاقاً من نظيره التقليدي ولو أنه يُعدّ أقل انتظاماً منه (تكفي متابعة وتيرة نشاط المدوّنين على مدوّناتهم). إلى ذلك، يحتفظ إعلام الشباب بميزة التفلت من الرقابة ومن الحسابات السياسية والاقتصادية والمالية التي يخضع لها الإعلام التقليدي. اعتباران ظهرا بوضوح خلال الثورات التي تجتاح العالم العربي حالياً.
إلا أن السهولة التي يستفيد منها الشباب في نشر نتاجاتهم ـــــ أكانت على الإنترنت أم على جدران المدينة، أم عبر أغانٍ ويافطات ومشاهد أدائية ـــــ تحمل في ثنايا مزاياها فخاخاً يجب التنبه لها. في فضاء إعلامهم الحر، يميل الشباب إلى فقدان السيطرة على نتاجهم. في هذا السياق، قدم خليل أمثلة كثيرة: منها ما حدث مع حركة «طلاب من أجل مجتمع ديموقراطي» (SDS) الاحتجاجية في الولايات المتحدة التي اختزلتها مجلة «نيويورك تايمز» بطالبين نصّبتهما ـــــ لجاذبيتهما لا لفعاليتهما ـــــ ممثلين عن الحركة في جميع الحوارات الصحافية. ومنها أيضاً ما حدث مع حركة «14 آذار» التي بدأها الشباب بزخم احتفالي مليء بالشعارات والنشاطات، إلى أن صادرتها جهة سياسية محدّدة. وهذا ما حدث أخيراً في الثورات العربية حين حاول الإعلام التقليدي ترويض أشكال التعبير الحداثوية لخلق كيان وتأطيره بحيث يحسن التعامل معه كما تعوّد دائماً، أو احتواءه ومصادرته لخدمة معايير صناعته أو أهداف مؤسسته: ألم تسأل إحدى المذيعات متظاهراً في مصر إن كان مستعداً للترشح لمنصب ما؟ بينما سأل زميلها متظاهراً آخر: «لمَ لا يعيّنون رئيساً لهم كي يتحدث الإعلام معه؟»
قد يكون ذلك صحيحاً، لكن، ألم تكن بعض وسائل الإعلام التقليدية أيضاً بمثابة رافعة لـ«وسائل إعلام الشباب» خلال التظاهرات الأخيرة التي أجّجت البلدان العربية؟ على ذلك السؤال الذي طرحه أحد الحضور، أجاب خليل: «هذا صحيح، لكن السؤال الحقيقي يظلّ: لماذا اختلف تعامل الوسيلة الإعلامية مع الحدث بين بلد وآخر؟».