في باكورتها الروائيّة الطويلة «هل ما زال هناك بعض الجامبون؟» (2010)، تحاول الإعلامية والمخرجة الفرنسية آن دو بيترينيه الإمساك بالعصا من الوسط. تدافع عن الجالية المسلمة في فرنسا، وتبرّئها من كليشيهات اليمين المتطرف، لكنّها تضيء في الوقت نفسه على بعض سلوكياتها التي لا تنسجم بالضرورة مع متطلّبات العصر.
إنّها قصّة جوستين لاكروا (آن ماريفين)، الصحافية الفرنسية ابنة العائلة الباريسية البورجوازية التي تُغرم بجليل (الممثل الجزائري/ الفرنسي رمزي بديع)، وهو طبيب من أصول جزائرية. تصطدم العلاقة في البداية بالأحكام المسبقة لدى والد جوستين الذي يصف جليل بعبارات استفزازية وعنصرية من قبيل: «إرهابي» و«مسلم» و«متعصب» و«أفغاني». لكنّ عناد جوستين يقودها إلى إقناع الوالدين بما تصبو إليه، قبل أن تجد نفسها في مواجهة أفكار والدة جليل (الممثلة الجزائرية بيونة) التي ترفض مبدأ تزويج ابنها الطبيب بمسيحية «كافرة»، وتعرض عليه الزواج بإحدى بنات أخواتها المقيمات بعيداً في البلد.
حالة من التصادم والمواجهة والتشتت تواجه العائلتين، فترهق العاشقين. وتبلغ هذه الحالة ذروتها حين تكتشف جوستين بعض الممارسات العنصرية في شخصية جليل الذي ينظر بفوقيّة إلى السود، ويسخر منهم، ولا يرى مانعاً من التعاطي معهم وفق التمييز نفسه الذي ينتهجه الفرنسي إزاء المهاجر العربي المسلم. هناك أيضاً علاقة أخت جليل بعشيقها الفرنسي، وهو ينظر إليها بشيء من عدم الرضى. بل يعدّ أخته «زانية»، لأنها تختلي مع «أجنبي».
شخصية جليل المحمّلة بالتناقضات والمتنافرة مع الصورة الأولية التي قدّمها لعشيقته الفرنسية الشقراء، تعجّل في انفصال حبيبته الفرنسيّة عنه، وتعمّق خيبة جوستين. هنا تتدخّل والدة جليل، رأفةً بابنها الذي انتابه اليأس بعد ابتعاده عن المرأة التي يحبّ. وفي النهاية، تنجح الوالدة في جمع شمل الحبيبين وتزويجهما بعد اعتراف جليل ببذور العنصرية التي تنبت في داخله.
يحمل فيلم ?Il reste du jambon نبرة تهكمية، والكثير من المواقف والمقالب الهزلية... لكنه لا يخلو أيضاً من مجموعة مهمة من الحقائق التي نرفض النظر إليها، ونواصل التغاضي عنها. يعرّي بعض ملامح العنصرية لدى المهاجرين المسلمين في أوروبا، في مواجهة الكم الهائل من الأفكار المسبقة والجاهزة والمعلّبة التي يملكها الغرب عن الإسلام.