في ألبومه الجديد R’n’Bilal، يواصل سعيه الدؤوب إلى تجديد موسيقى الراي وتخليصها من القوالب الجاهزة. يستلهم الشاب بلال كلمات أغانيه من قاموس حياة الشباب والمراهقين البسيطة. يميل إلى توظيف عبارات تطغى عليها الصراحة، ورفض الواقع السائد، مع إدراج نفحة رومانسية يراها «ضرورية من أجل التشبث بخيط الحياة». مع كلّ ألبوم جديد، يثير الشاب بلال من حوله زوبعة أسئلة وتكهّنات، موسّعاً دائرة محبّيه ومنتقديه على حدّ سواء.
لا تخلو أغانيه من الرسائل المباشرة والعبارات الاستفزازية، إلى درجة يشعر بعضهم بأنّه يتحرّش بخصومه عمداً. «أغنّي عن تجارب ومحطات عايشتها، وأستمد كلمات الأغاني من واقع يخصني». عرفه الجمهور في الجزائر خصوصاً والمغرب عموماً، من خلال أغنيات تغوص في مفهوم «الرّجلة» و«الشجاعة»، فاشتهرت أغانيه «راك مريض»، و«باغي يولي صاحبي»، و«شريكي» وغيرها... «ألتقي أحياناً أناساً يقولون لي إنّ الأغاني التي أؤديها تعبّر عن حالاتهم الشخصية. أشعر بالفخر لأنني استطعت مقاربة همومهم». يرى فيه عشّاق الراي مثالاً للشخصية الجزائرية المتمردة والمتشبّثة بحقّها في الدّفاع عن رأيها، ويعدّه آخرون قدوة في «التكبّر» واستصغار الآخرين. أمّا هو، فيؤكد: «جمهوري هم الزوالية (الفقراء)».
انطلق بلال (اسمه الكامل موفق بلال) من موسيقى القناوي، متأثراً بالفرقة المغربية الشهيرة «ناس الغيوان» التي ما زال يحنّ إلى ماضيها ويهوى العودة إليها، قبل أن يجد نفسه واحداً من أهم أسماء الراي، بعد كل من «الكينغ» خالد و«الأمير» مامي. عاش سنوات الطفولة الأولى في مدينة شرشال الساحلية، مسقط رأس الروائية آسيا جبار والمغني الساخر بعزيز. تابع خلال شبابه الدراسة في كونسرفاتوار وهران، حيث أسس وقاد، طيلة ثلاث سنوات، فرقة «الأهوار» (1985 ـــــ 1988)، فنشّط بعض الحفلات، وغنى في الأعراس، والأفراح العائلية الموسمية.
في عام 1989، هاجر إلى مدينة مرسيليا الفرنسيّة التي تمثّل قاعدة الراي الثانية بعد وهران. هناك عاش سنوات في الخفاء بسبب تباطؤ تسوية وضعيته القانونية. وهناك أيضاً شارك في التجوال بين ملاهي المدينة الليلية، ومراودة الأوساط الفنية من مغنين ومنتجين، والتواصل مع أبناء الجالية المغاربية. «في مرسيليا صرت مغني راي. هناك كتبت نصوصي الأولى وغنّيت أمام الجمهور».
أول نجاحاته الشعبية حمل عنوان «البابور اللي جابني» (1997) وفيه يتأسّف على خيار الهجرة. «البابور اللي جابني يلعن والديه». يغني صاحب «أولاد حرمة» باللغتين العربية والفرنسية، لكنّه يرتاح أكثر للغناء بالعربية.
تميزت موسيقى الراي، خلال النصف الثاني من التسعينيات، بسطوة نمط RaÏ Love، ممثلاً على وجه الخصوص بالراحل الشاب حسني (1968 ـــــ 1994) والشاب نصرو، المقيم حالياً في الولايات المتحدة الأميركية، لكنّ الشاب بلال استطاع أن يتجنّب فخّ الموضة، ليؤسس نمطاً مختلفاً. أغنياته تركّز على توظيف كلمات صريحة، تعلن رفضها لتحولات الحياة اليومية، تتخطى أحياناً حدود «اللباقة»، وتدافع بشراسة عن خيارات شباب الأحياء الشعبية والفئات المحرومة.
يتمتع بلال بكاريزما في الأوساط الفنية الجزائرية. «خاطين التخلاط!»، يقول. «لست من هواة السهرات وجلسات الملاهي الليلية. لدي انشغالات تمنعني عن ذلك»، لكنّ هيئته لا تشير في شيء إلى كونه مغني راي مثيراً للسجال. يحافظ من خلال النظّارة الطبية واللحية القصيرة، على ملامح فيها الكثير من الوقار. يختار العزلة بين الحين والآخر، ويتفادى أحياناً كثرة الظهور الإعلامي والحوارات الصحافية. يضع الحياة العائلية في رأس أولويّاته، لهذا يفضّل الابتعاد عن الأضواء، ما دفع بأحد الصحافيين إلى القول: «هو واحد من أشهر مغنّي الراي وأكثرهم خجلاً».
منذ نهاية التسعينيات، تتالت نجاحات الشاب بلال، وخصوصاً مع أغنية «أنتِ عمري» التي مثّلت منعطفه الحقيقي نحو الرومانسية. صوّر هذه الأغنية على شكل فيديو كليب، وسمحت له بكسب الكثير من القلوب، ويقول فيها «أنتِ عمري... أنت ماضيّ... أنت عشقي ما فيها باس»، تلتها أغنية «سهيلة» التي اندرجت ضمن التوجه نفسه.
في عام 2006، التحق بفرقة «راي إن بي فيفر» Rai’n’B fever في فرنسا، بقيادة الملحن فريد كور. جمعت الفرقة بين الشيخة الريميتي، والشاب خالد، ومغنية الراب الفرنسية ديامس، وبيغ علي، وفرقة «ماجيك سيستام» من ساحل العاج وغيرهم، فلاقت نجاحاً كبيراً. بعض كلمات أغاني الشاب بلال أُدرجت في قاموس الشارع الجزائري، بسبب صراحتها وصيغتها المباشرة. فصارت متداولة باعتبارها لغة مستقلة، مثل كلمات أغنية «الكريدي حبسناه» حيث يقول: «الكريدي حبسناه... حنا ثاني باغين نبنوا». ولا ننسى أغنية «درجة... درجة» وفيها يقول: «درجة... درجة إذا بغيت تربح... عدك غير تطيح... تقبض غير الريح... تندم ندمة وتخسر في l’affaire».
يحظى الشاب بلال بسمعة واحترام على امتداد المغرب العربي، وخصوصاً في المغرب حيث يحلّ ضيفاً سنوياً على منصة «مهرجان وجدة الدولي للراي»، كما يحظى باهتمام إعلامي وجماهيري، جعل منه أحد أشهر الأسماء الجزائرية المحبوبة في المملكة التي غنى لها «المغريب». أمّا هو، فلا يمتلك تفسيراً للشعبية التي يحظى بها سوى ترديد: «الحمد لله. اللي يخدم ينال». يقوم الراي بالأساس على نقل الجوانب الخفية من الحياة اليومية، كثيراً ما ارتبط هذا النمط بالتطرّق إلى «محرّمات» من نوع الجنس والخمر. يؤمن الشاب بلال بأنّّ من واجب الراب التطرّق إلى قضايا أكثر اتساعاً، مثل الظلم ومشاغل الشباب. لهذا ينطلق في أغانيه من الفئة نفسها، فينقل خيبتها، وأملها، ويخاطبها بلغة تقترب من عوالمها الحميمة.



5 تواريخ





1966
الولادة في مدينة شرشال
على الساحل الجزائري

1989
هاجر إلى مدينة مرسيليا الفرنسيّة،
على الجانب المقابل من المتوسّط

1997
أطلق أوّل ألبوماته
«البابور اللي جابني»

2006
التحق بفرقة R’n’b fever الفرنسية
إلى جانب الشيخة الريميتي والشاب خالد

2011
ﺃصدر في كانون الثاني (يناير)
الماضي أسطوانته R’n’Bilal