القاهرة| «من النهاردة ما فيش حكومة... أنا الحكومة». لا شكّ في أن هذه العبارة الشهيرة التي قالها أحمد السقا في فيلمه «الجزيرة» (2007 ـــــ إخراج شريف عرفة) بقيت محفورة في أذهان الجمهور العربي، وخصوصاً المصري منه. وقد أدى السقا في هذا الشريط دور تاجر مخدرات، يعدّ نفسه المرجعية الشرعية، ويتعامل مع المحيطين به على هذا الأساس. السيناريو نفسه ينطبق على سوق الدراما المصرية التي تعاني اليوم غياب الإنتاج الحكومي لأسباب عدة. وما زاد الطين بلّة غياب أيّ بديل للمموّل الرسمي. وبالتالي، فالموسم الرمضاني سيتأثر هذا العام بعوامل عدة، أبرزها القائمة السوداء بأسماء الممثلين الداعمين للنظام المخلوع، على رأسهم إلهام شاهين ويسرا وغادة عبد الرازق، إلى جانب غياب جهات إنتاجية تقف خلف أعمالهم، علماً بأنّ الشركة التي كانت تتولّى إنتاج مسلسل شاهين «قضية معالي الوزيرة» توقّف نشاطها بعد تجميد أرصدة الشركاء المساهمين فيها، أوّلهم منير ثابت شقيق سوزان مبارك.

هكذا يمكن القول إن جميع النجوم (المدرجين ضمن اللائحة السوداء أو... البيضاء) سيعانون في الأشهر المقبلة، وسيغيب قسم كبير منهم عن شاشات شهر الصوم، إذ إنّ السوق تعاني غياباً كاملاً للإنتاج الحكومي. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن سبب تراجع الدولة عن دعم الدراما لا يعود فقط إلى قرار يقضي بضبط الإنفاق في هذا المجال، بل لأنّ رموز هذا القطاع الحكومي مهددة بالتساقط. وبخلاف وزير الإعلام السابق أنس الفقي، ورئيس «اتحاد الإذاعة التلفزيون» أسامة الشيخ الموقوفَين حالياً بتهمة إهدار المال العام، فإن المسؤولين الجدد لـ«ماسبيرو» لن يتمكّنوا من التصديق على خطة إنتاج رمضان 2011 في المرحلة الحالية. وبالتالي، لن يجد المنتجون الشريك الذي كان يسهم في تحمّل ربع الكلفة على الأقل ويدعم عرض المسلسلات على الشاشات الوطنية.
الأمر نفسه ينطبق على «مدينة الإنتاج الإعلامي» التي طاولتها انتقادات متتالية خلال المرحلة السابقة بسبب إنتاج مسلسلات دون المستوى إلا في حالات نادرة. وهو ما سيدفع رئيسها سيّد حلمي إلى الامتناع عن إعلان خطته الدرامية لهذا العام إلا بعد أن يتأكد من أن الأعمال التي سيشارك في إنتاجها ستروق الجمهور والصحافيين والنقّاد على حد سواء. والجميع يذكر طبعاً كيف كانت المدينة تتجاهل في السنوات السابقة الانتقادات التي أطلقها الصحافيون ضدّ مسلسلات عدة، وخصوصاً تلك التي تجاهلها الجمهور بسبب تدني مستواها. لكن الوضع الآن تغيّر وكل عمل لن يحقق إقبالاً جماهيرياً سيعدّ وسيلة لإهدار المال العام. السيناريو نفسه يتكرر مع شركة «صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات». ورغم أن هذه الأخيرة هي شركة حكومية وتابعة لـ«التلفزيون المصري» اتُّهم وزير الإعلام السابق بإعطائها الضوء الأخضر لاستغلال الحقوق الإعلانية للدعايات التي تبثّ على قنوات التلفزيون الرسمي بسعر يقل عن ذاك الذي عرضته شركات أخرى، وبما لا يناسب مكانة شاشة الدولة. ويرأس هذه الشركة حتى الآن إبراهيم العقباوي ابن شقيقة صفوت الشريف، الرجل القوي في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
إذاً يبدو واضحاً أن مواقف كل هذه الجهات من دراما العام الحالي لن تتحدد إلا بعد تغيير مسؤوليها أو صدور قرار رسمي بإبقائهم، وهو الاحتمال الأضعف بسبب ثورة التغيير التي تجتاح مصر حالياً، وترفض أي وجوه تعاملت مع النظام السابق، لكن حتى المنتجون المستقلون الذين قد يغامرون بدخول هذا القطاع، ستواجههم صعوبات عدة: أولاها انهيار سوق التوزيع داخل مصر بسبب عدم الإقبال المتوقع من «التلفزيون المصري» والقنوات الخاصة على شراء حقوق البث كما كان يحصل في الأعوام الثلاثة الأخيرة. والجميع يدرك حالياً أن السوق الخليجية وحدها لم تعد تكفي لتعويض نفقات الإنتاج إلا في حال خفض النجوم لأجورهم بنسب كبيرة، وهو أمر غير متوقع حتى الآن حسب تصريحات معظم الممثلين.
يضاف إلى كل ما سبق عنصران فاعلان أوّلهما التوقيت، لأن إنجاز أي مسلسل يتطلب ثلاثة أشهر على الأقل من التصوير، إضافةً إلى عمليات المونتاج والتسويق. ولا تزال معظم الاستوديوهات المصرية متوقفة عن العمل، باستثناء بعض المسلسلات والأفلام التي بدأ تصويرها قبل الثورة، أو التي يغيب عنها النجوم. أما العنصر الثاني، فهو المزاج العام للشارع المصري المشغول حالياً باستعادة الأمن ودوران عجلة الاقتصاد. وهو الأمر الذي يجعل التفكير في مسلسلات رمضان رفاهية تثير الاستفزاز. وأخيراً وهذا هو الأهم أن الاستحقاقات البرلمانية ستكون قبل شهر الصوم، والانتخابات الرئاسية بعدها، وبالتالي لن تتوقف برامج الـ«توك شو» التي تعدّ المنافس الرئيسي للمسلسلات خلال رمضان.



الزعيم v/s هنيدي

رغم أن النجمَين كانا ضد الثورة، إلا أن عادل إمام ومحمد هنيدي قد يكونان الرابح الأكبر في سباق رمضان المقبل. والسبب انطلاق تصوير مسلسليهما «فرقة ناجي عطالله» (بطولة عادل إمام)، و«مسيو رمضان مبروك أبو العلمين» (بطولة محمد هنيدي) قبل اندلاع «ثورة 25 يناير» التي عطّلت معظم المشاريع الفنية، وخصوصاً الدرامية منها. ويستكمل النجمان تصوير عمليهما في سرية تامة لضمان اللحاق بشهر رمضان المقبل. وبالتالي هناك فرصة كبيرة ليعرض المسلسلان مصرياً وعربياً على أكثر من شاشة بسبب قلة الأعمال المتوقع تصويرها هذا العام، لكن طبعاً لا بد من الإشارة إلى أن اسمي «الزعيم» وهنيدي موجودان على القائمة السوداء... فهل يؤثر ذلك في نجوميتهما؟ الجواب في رمضان 2011.