بعد تظاهرة احتجاجيّة أخيراً في بغداد، تلقّفها عسكر الديموقراطيّة الأميركيّة بالقمع والاعتقالات، كتب لنا أحد الأصدقاء: «إنها المرّة الأولى التي لم يكن يعرف فيها واحدنا مذهب الآخر أو دينه أو عرقه. نحن نولد الآن شعباً جديداً». من رحم الانتفاضات المطلبيّة، تنبعث الشعوب العربيّة اليوم، لتلتحق بالعصر وتتصالح مع التاريخ. لكنّ الدخان الأسود الذي لفّ «دوّار اللؤلؤة» في المنامة، منذ الثلاثاء، يأتي ليذكّرنا بأن الرحلة ستكون شاقة، وربّما مستحيلة. كأننا أمّة ملعونة، ممنوعة من الحريّة!
الربيع العربي يعيش مخاضاً صعباً. في ليبيا يواصل دراكولا قمع الثورة بالدم، وسط حالة من العجز الجماعيّ. في مصر، دنّست وزيرة الخارجيّة الأميركيّة «ميدان التحرير» بخطوات متعجرفة، تنذر بزمن وصاية جديد. في سوريا، قمعت وقفة احتجاجيّة أمام وزارة الداخليّة، واعتقل أكثر من ٢٥ ناشطاً ومثقفاً، بينهم سهير أتاسي وطيّب تيزيني. في السعوديّة وعُمان خطفت السلطة أنفاس المطالبين بالانفتاح والمواطنة. وفي اليمن والجزائر وغيرهما، يبدو الزمن معلّقاً، والأحلام مؤجّلة. الأنظمة المستبدّة تبتزّ العالم: «أنا أو الفوضى والإرهاب والحروب الأهليّة»، في حين أنّها أصل الردّات والعصبيّات والانقسامات.
لكنّ المشهد الأفظع جاء من البحرين، حيث سُحِقت حركة الاحتجاج الشعبيّة بدبّابات «درع الخليج» السعوديّة، قبل أن يُمنع الجرحى من تلقّي العلاج. «أسرة أدباء وكتّاب البحرين» وجّهت نداء استغاثة، ورُفعت أسماء شهداء المنامة على اللافتات، في افتتاح «بينالي الشارقة»، بمبادرة من الفنّانين المشاركين، عرباً وأجانب. «ربيع براغ» الجديد، سيبقى جرحاً مفتوحاً في الوجدان الجماعي.