الشعب يريد إسقاط... «الإعلام المغرض»

  • 13
  • ض
  • ض

يبدو أنّ الإعلام الرسمي في سوريا مصرّ على ممارسة الدور السلبي الذي لا يقلّ إرباكاً للرأي العام عمّا بات يُطلِق عليه «الإعلام المُغرض». مع محاولاتنا الإنصات إلى هذا الإعلام تجاوباً مع الدعوات المطالبة بعدم الانسياق وراء «الإعلام المغرض» ــ وجحافل شهود العيان الذين تلجأ إليهم وسائل الإعلام المختلفة نظراً إلى عدم السماح بوجود إعلامي خارجي وربما داخلي في أرض الحدث ــ سيتكشّف لنا ما يكفي من الإخفاقات التي تؤكد عدم قدرة هذه المؤسسة أو على الأقل أصحاب القرار فيها على التعامل مع أزمة داخلية من العيار الذي تعيشه سوريا حالياً. ى مدى أكثر من ثلاث ساعات ـــــ وهي المدة التي استطعت فيها احتمال صعوبة المتابعة ـــــ كانت إحدى مذيعات الإخبارية السورية تُطل بين الحين والآخر بخبر عاجل تتحدث فيه عن «تحوّل الحراك الشعبي السوري ومطالبه المشروعة إلى فتنة طائفية». لا ندري من هو صاحب هذا القرار الإعلامي الذكي وراء الإصرار على تمرير عبارة «الفتنة الطائفية» بين حين وآخر، من دون أن يدرك أثرها البشع في النفس، وما يمكن أن تخلقه من حالة تجييش لا في مواجهة الطائفية بل في تصديق وجودها حقاً. كانت الصور التي بثها هذا الإعلام ـــــ على الأقل للمقيمين خارج سوريا ـــــ سوداء ومرعبة. حالة خوف حقيقية انتشرت، خصوصاً مع أخبار عن دخول إحدى الفرق العسكرية إلى اللاذقية. مع العلم أنّ الجيش لا يتدخل إلا حين تكون الأمور قد وصلت إلى حدود خطرة. يبدو أنّ هذا الإعلام الفاقد لبوصلته والذي خرج علينا بمزيد من الصور والتقارير عن حشود بشرية تعبّر عن فرحها الغامر بالقرارات التي أصدرها الرئيس بشار الأسد الخميس الماضي، يواصل خلط الأوراق ولعبة الاسترضاء وضرورة خروجه بمظهر لا يعرّض المسؤولين عنه لأي مساءلة من أي نوع. لا شك في أن هذا النوع من الإعلام أكثر خطورة من أي مؤامرة يشير إليها. هذا الإعلام يقدم إساءات يومية لأناس من دون أجندات، بل لديهم فقط مظالم ومطالب. الناس اليوم أمام جدل متشعّب وله أكثر من نتيجة تصب بمجملها ضد الدولة وهي على الشكل الآتي: إما أن تكون هناك محاولة التفاف على حراك شعبي مطلبي بدأت تتسع دائرته في سوريا من خلال تحويل هذا الحراك إلى فتنة، وبالتالي التصدي لها من خلال قوى الجيش والأمن الذي سيخرج منتصراً وفي مظهر البطل والمخلّص، وهو الأمر الذي يبرر استمرار سطوته إلى ما شاء الله من السنين، أو أنّ هذا الأمن بكل قوته وتجذّره في الحياة السورية بات عاجزاً عن ممارسة دوره في فرض الأمن ومنع محاولات الإخلال بأمن البلد قبل وقوع البلاء لا بعده. فهل يعقل أن تكون هناك مؤامرة في هذا الحجم منطلية عليه ولا يراها؟ هذا يقودنا إلى المبررات التي تجعلنا نؤمن به وبدوره. إن محاولة الإعلام السوري التأكيد أنّ هذه «الشلل من الزعران» قادرة على خلق فتنة طائفية في اللاذقية وطرطوس وغيرها من المحافظات، فيه مذمة غير مباشرة للنظام نفسه وللإعلام اللذين لم يستطيعا خلال كل السنوات الماضية، إنتاج مجتمع مدني غير معني بالطائفة ولا تحرّكه النعرات الدينية. هذا الكلام ينسف بنية التعليم، والاقتصاد، والمجمتع عموماً، ويفضي إلى حالة الفراغ المجتمعي والسياسي الذي تسبّب فيه هذا الأمن بعد محاربته النخب الثقافية، وتمييعه لدور النقابات، ومؤسسات المجتمع المدني، والشخصيات السياسية والثقافية الواعية ذات الصوت المسموع والمؤثر في الناس. لم يعد وارداً ـــــ بأي شكل من الأشكال ـــــ ترك هذا الإعلام يمارس استخفافه بالناس الذين يجدون أنفسهم مجبرين على تقصّي الحقائق والمعلومة من آلاف الوسائل الأخرى المتاحة. من غير اللائق اليوم ترك كل ما يحدث داخلياً وتجييش الوقت لصور وتقارير تريد إثبات أنّ الناس يحبّون الرئيس بشار الأسد، وهو محبوب بالفعل ولا يحتاج إلى كل هذه التأكيدات. الناس لا يزالون مؤمنين بالرئيس، ويراهنون عليه في إنجاز مشروعه المدني الذي يبدو أنه يواجَه بتعطيل وتبطيء وتشتيت.. لا من بطانة لا تزال تفضّل الحمام الزاجل ـــــ وليس الانترنت ـــــ في التعامل مع الرسائل وإنجاز الحلول، بل أيضاً من إعلام عاجز عن التقاط مئات الإشارات المطلبية والتعاطي معها بمسؤولية حقيقية وتاريخية.

13 تعليق

التعليقات

  • منذ 13 سنة مجهول :
    ‫من قلب الحدث
    ‫أنا أيضا اعيش في قلب الحدث وارى صحافتنا وتلفزيوننا يسيء يوميا إلى احزاننا ولايحترم خوفنا بل هو يزدي الطين به أنا مع الكاتب فيما ذهب إليه ان هذا النظام الامنى صار يتفاجأ مثلنا بالمؤامرات التي تحاك ضد البلد يبدو اننا حتى هذه اللحظة لم نتعلم احترام الرأي الآخر
  • منذ 13 سنة مجهول :
    ‫إلى كل نعامة مرتعدة الأوصال
    ‫السيد مجهول الممتعض من زعبرة المنظرين: نقول لك وللأحباء الخائفين من أشرار الخارج، كلنا خائفون على سورية، وعلى نموذج التعايش الفريد فيها وعلى الأمن اليومي النادر في العالم والذي يتمتع به السوريّون. ذلك لا يعفي نظامكم المحبوب بمختلف مؤسساته، السياسية والعسكرية والإعلامية، من مسؤليّته عما يحصل، وعن إدارة الأزمة. الوضع الحالي كان يمكن الإلمام به بل وتفاديه بالمضي قدماً وبشجاعة نحو تغيير جذري. وبشائر هذا الغليان كانت كبيرة كالجبل، كما كتب بيير أبي صعب: شاهد النظام السوري البروفه بالحجم الطبيعي مرّتين، في تونس ومصر. سوى أن رئيس الجمهوريّة فضّل أن يخبرنا، بعيد ثورة تونس، أنه غير معني بما يحصل، وأنه قد يقوم بإصلاحات "محدودة وغير جذريّة". إنقاذ سورية اليوم لن يكون بالطبطبة لإعلام مريض يثير الاستماع إليه الجرب (كم يشبه إعلام مصر أثناء الثورة!) ولا بالانحياز لقرارات خاطئة تقلع العين بخطئها، ولا بتبرير آليات تعاطي مع الأزمات تعود لخمسين سنة أفلت إلى غير عودة. الحريصون على سورية مستقرّة متحدة وحاملة لخطّها الممانع عليهم أن يفهموا، كما يكتب حازم سليمان، أن لسياسة النظام السوري الداخلية طوال عقود "تلتين الخاطر" في الوضع الحالي. إن كنتم تحبّون رئيسكم - غير المنتخب - إلى هذا الحد، فاضعطوا مع الشارع عليه لتكون الإصلاحات التي عاد ووعد بها على لسان بثينة شعبان فوريّة وغير ملتبسة، حتّى لو قادت إلى انقلاب داخل دوائر الحكم وأطاحت بمقرّبين منه. الاستمرار بالطبطبة يعني الاستمرار بالتهديد بالانفجار وبشرخ المجتمع السوري. شاهدنا ذلك ثلاث مرّات إلى الآن، خلال أقل من شهرين: أخرجوا رؤوسكم من الرمل. هذا البلد لكل أهله.
  • منذ 13 سنة مجهول :
    ‫أحترم كل مقال يضع يده على
    ‫أحترم كل مقال يضع يده على المشكلة بعيدا عن التجريح والشخصنة وهذا ماوجدته في هذا المقال وإعلامنا مخزي اعترفنا بالأمر أم أنكرناه .شكرا لك
  • منذ 13 سنة مجهول :
    ‫ذكرتك شيئا وفاتتك اشياء
    ‫نتفق معك في فشل الإعلام السوري بالتعامل مع الازمة منذ اطلت برأسها, لكننا على نتفق على ماوصفت به الشعب السوري, وانه يمكن ان ينجر لفتنة طائفية. نتمنى عليك ان تتابع قصص ماحدث في اللاذقية, وكيف ان الشعب بيد واحدة تعاون مع الامن على السيطرة والقاء القبض على اعداد كبيرة من المخربين (تجوزت في يوم واحد 300 شخص) وهذا ما اكده ايضا محافظ اللاذقية
  • منذ 13 سنة مجهول :
    ‫أنا مندهشة حقا من وجود أحد
    ‫أنا مندهشة حقا من وجود أحد لديه القدرة على الدفاع عن الاعلام السوري الهش والذي لايعبر عن سوريا الحرة النيرة الجميلة. لكن هناك من يرفض الكلام المنطقي بدفاع ارعن وعاطفي
  • منذ 13 سنة مجهول :
    ‫بصراحة يوجد تناقض فهل اذا كان
    ‫بصراحة يوجد تناقض فهل اذا كان المجتمع غير واعي بسبب مهذلة الميديا و البناء الهش للمجتمع...فهل الحرب المعمولة من قبل الاعلام السوري لن تنجح؟!
  • منذ 13 سنة سها _ اللاذقية سها _ اللاذقية:
    ‫الشعب يريد اسقاط الاعلام المغرض
    ‫اثبت الصحافيين انه من السهل الاستمرارية بالانتقاد وتوجيه التهم للاعلام نفسه بين رحلة وأخرى من خارج البلد بعيدا عن الازمة، وغير ذلك لا يمثل الاعلام السوري قناة الاخبارية يمكن متابعة اكثر من محطة كالدنيا والمواقع الالكترونية السورية والصفحات التفاعلية الاجتماعية ولا يعقل ان تكون مؤامرة كهذه ومنطلية عليه فالحدود السورية من السهل جدا ضبطها بين لبنان وسوريا بحريا وايضا بين الاردن وسوريا بريا جميعها تقوم على سياج شائك وسد منيع وكذلك حدودنا مع العراق مش هيك استاذ حازم؟؟؟؟؟؟
  • منذ 13 سنة نيو / برلين نيو / برلين:
    ‫مفرح جداً يا أخبار
    ‫أخيرا .. "الأخبار" اللبنانية تنحاز إلى درعا بوجه رستم غزالي : على الأسد أن ينفذ ما يليأن يحل الجبهة الوطنية ، ويجمد العمل بالمادة 8 من الدستور التي تكرس " ألوهية" البعث للدولة والمجتمع، و رفع أيدي المخابرات عن رقاب الشعب ، وإلغاء القانون الذي يقضي بإعدام الإخوان المسلمين ...
  • منذ 13 سنة مجهول مجهول:
    ‫تعليق
    ‫لك كل الشكر الاستاذ حازم بالفعل هذا ما يحدث والاخطاء تتراكم يوميا هذا الغباء المطلق في التعامل من الازمات يفترض بالاعلام السوري أن يكون مدركا لهذه التفاصيل التي ذكرتها
  • منذ 13 سنة ناجي طيارة ناجي طيارة:
    ‫شكر على المقال
    ‫أشكر الأستاذ حازم على هذا المقال الذي ألقى الضوء على أهم ما يعانيه الشعب السوري بالفعل ألا وهو الإعلام الموجه والمجيش، لقد تم ويتم التلاعب بعقول وضمائر الناس من خلال هذا الإعلام الذي لم يعد قائما إلا في دولة مثل سوريا، وكآن هذا النظام يصر على إبقاء الشعب السوري في دائرة خاصة معزولة عن كوكب الأرض مغفلا بأن ما يقوم به من منع نقل الصورة الحقيقية لا بل المزايدة في تجييش الناس مع النظام يزيد كثيرا من حالة الاحتقان الداخلي ولن يؤدي سوى لانفجار لا تحمد عقباه. أعتقد بأن المسؤولين عن الإعلام السوري عليهم أن يدركوا مسؤولياتهم التاريخية، وأن يدركوا بأن لم يعد بالإمكان تغطية وتشويه الحقيقة لمصالح ضيقة بهذا الأسلوب البالي والمتعفن، على الإعلام السوري بالفعل إفراز تجربته الحقيقية الحرة والمسؤولة حتى يستطيع اللحاق بركب الإعلام العالمي الذي حول الدنيا كلها ٌلى قرية صغيرة. أشكر للأستاذ حازم مجددا هذا المقال القيم
  • منذ 13 سنة نجد نابلسي نجد نابلسي:
    ‫إن ما ينقله الإعلام الرسمي
    ‫إن ما ينقله الإعلام الرسمي السوري في اللاذقية هو ما يجري في الواقع المخربون يجولون الشوراع ويثيرون الفتن بين الطوائف والشعب تكاتف يداً واحدة من كل الطوائف بمساندة الأمن السوري البطل
  • منذ 13 سنة مجهول :
    ‫من قلب الحدث بكير على زعبرة
    ‫من قلب الحدث بكير على زعبرة المنظرين