تعز| لم يعد للرئيس اليمني علي عبد الله صالح الكثير من المناصرين كي يملأوا له الساحة عندما يلقي خطاباً جديداً. لكن يبدو أنّ تقنية الفوتوشوب قادرة على جلب مناصرين كثر إلى مهرجانه الخطابي. هكذا، تعمد جهاز الإعلام الرسمي في اليمن التقليل من حجم شباب الثورة الذين نزلوا إلى الشوارع مطالبين بسقوط النظام. «هم مجرد قلة لا تعبّر عن رأي معظم الشعب اليمني الواقف إلى جوار رئيسه الشرعي» يردد ذاك الجهاز الإعلامي.
ولإثبات ذلك، ذهب الجهاز الأمني للرئيس صالح إلى إخراج حشود مناصرة له كي يثبت أن الشرعية تقف إلى جانبه، وجرى تجميعها في ساحة مقابلة لمقر إقامته الرئاسي، وهي ساحة تستخدم عادةً للعروض العسكرية والشبابية في أعياد الثورة والوحدة اليمنية. ساحة فسيحة لا يمكن ملؤها بحشد مناسب بسهولة. وبالفعل جُمع حشد من الناس ظهروا على أنهم مؤيدون لصالح. لكن العدد لم يكن كبيراً ولائقاً بأن يُعرض على شاشة التلفزيون الرسمي؛ إذ كانت هناك فراغات كثيرة تظهر في الساحة، وتفصح عن تواضع عدد الحاضرين وعدم مطابقته للعدد الذي تقول السلطة إنّه يعكس حجم المؤيدين لرئيسها. فلم يكن أمامها غير التلاعب بالصورة كي يظهر العدد لائقاً بحجم «فخامة» القائد.
كان هذا ممكناً على «فضائية اليمن» عبر دمج مشاهد من مهرجانات قديمة مع مشاهد حديثة تعرض وجود الرئيس صالح متربعاً على المنصة يلقي خطابه على الحاضرين. وسار الأمر جيداً. لكنّ الأمر اختلف صحافياً، حيث تكون عملية الإثبات في المتناول وبأدلة ثابتة منشورة.
القصة أنّ المخرج الفني لجريدة «الجمهورية» ـــــ ثاني أكبر جريدة رسمية في اليمن تصدر من مدينة تعز (جنوب صنعاء) ـــــ وجد نفسه ليلة إخراج الجريدة أمام صورة فوتوغرافية من ذلك الاحتفال الجماهيري المناصر لصالح. لكنّه وقف حائراً أمام صورة تظهر بوضوح حجم الفراغات الموجودة في الساحة. هكذا، كان لا بد له من حيلة تعمل على ملء تلك الفراغات، وقد وجدها في تقنية الـ«فوتوشوب» التي ملأ فيها الفراغات الموجودة بمتظاهرين إضافيين أتى بهم عبر عملية نسخ ولصق للمتظاهرين في الصورة! لم ينتبه إلى أنّ مسألة كشف هذا التلاعب لن تكون مهمة صعبة، وخصوصاً لهواة تتبع عثرات الإعلام الرسمي، وهو ما كان فعلاً؛ إذ أُعيد نشر الصورة في يوم صدور العدد الذي تصدرته صورة «الحشود المؤيدة»، مع خطوط تفصيلية توضح أماكن التكرار الذي حدث ونُشرت على مواقع الجرائد المعارضة، وهو ما دفع إدارة الجريدة مباشرة إلى سحب الصفحة الأولى المنشورة بصيغة الـ pdf من الموقع الإلكتروني التابع لها واستبدلتها بصورة مكبرة لها من غير تعديل، مدعية أن مواقع الجرائد المعارضة هي التي فعلت ذلك التكرار، متناسية أن نسخة ورقية منها وصلت إلى أيدي القراء، ولم يعد سحبها مسألة ممكنة!