كتبت على صفحة حسابي في «تويتر» يوم السبت 12 آذار (مارس) الماضي: «اليوم تسلمت 37 نسخة من كتابي «خارج الطائفة» بطريقة درامية. أنا ممنوع من دخول البحرين، فكيف أتسلّم منه نسخ كتابي التي جاءت من معرض الرياض عبر «دار مدارك»؟ وقفنا عند الحدود، طاولني الكتب، وطاولته الشكر، ورجعنا إلى داخل الحدود التي هي أقل من أوطان». أعلنت للأصدقاء، مقابل النخلة 6 في «دوار اللؤلؤة» عند خيمة وعد العلمانية: «سأوقع كتابي الاثنين 14 آذار (مارس)».
تتطور الأحداث الأمنية تجاه التصعيد، تحتقن الأجواء، يصير كتابي خارج الدوّار. في لحظة الدوّار، كان الزمن زمناً «خارج الطائفة». كان الدوار تجربة ميدانية في الخروج من الطائفة، والدخول في المدينة المتعدِّدة والمتنوعة.
صار كتابي خارج الزمن في اللحظة التي بدأت فيها السلطة ما سمّته مشروع تطوير دوّار مجلس التعاون، أي «إزالة دوار اللؤلؤة». بدأ المشروع بطائرات الأباتشي والمدرعات، ودخان أبيض قيل إنّه أكثر من مسيّلات الدموع، وأقلّ من غازات الموت.
في اليوم التالي لـ«مشروع التطوير»، وفيما كانت آلات التكسير تفتك بأعمدة اللؤلؤة، أعلن الجيش في بيانه الرقم 6 إنهاء تطهير الدوّار. أرسلت للأصدقاء الاعتذار التالي: «أعتذر لكم أيها الأصدقاء. توقيع كتابي «خارج الطائفة»، سنؤجله قليلاً. فالنخلة لم تعد في الدوّار، واللؤلؤة ليست في مركز الدوّار، وخيمة وعد فقدت نقطتها في محيط دائرة الدوّار. الدوّار اختطفته القبيلة، رأت فيه خروجها. الدوّار الآن خارج الجغرافيا، لكنّه داخل التاريخ».
أيقنت أن مشروع السلطة العسكري قد أحرق كتابي، وجعل فكرة الخروج من الطائفة خارج الإمكان المعرفي والسياسي والفكري والاجتماعي. كنا داخل الدوار خارج الطائفة، اليوم نحن خارج الدوار وداخل الطائفة.
كان الدوّار تجربة في الخروج إذاً، لكنّه كان خروجاً مكلفاً. مكلف للقبيلة التي تجد توازنها في عزل خصمها داخل الطائفة، ومكلف للتوازنات الإقليمية التي ترى في الخروج إعصاراً يشبه الإعصار الذي تسببه حركة الفراشة.
قال لي أستاذ الاجتماع باقر النجار، وهو بالمناسبة من كتب مقدمة الكتاب: «صدر في وقته». كدت أقول له: «لكنه منذ أمس صار خارج وقته». مشروع الدولة وقت الحاضر والمستقبل، والطائفة تاريخ ماض، خارج الوقت. وكلما حققنا وقت الدولة صرنا خارج الطائفة.
في الدوار كنّا منخرطين في الحلم بلحظة الدولة، دولة مدنية تؤمن بأن الديموقراطية هي حاضنة الحداثة، والمبشرة بولادة الفرد المواطن الذي لا يحتاج إلى حماية طائفته. لم تجد السلطة جداراً تحتمي به غير القبيلة، فاستعانت بجيوش القبائل، لتحميها من مشروع الدولة.
ولتواري ذلك، لصقت بطاقة الطائفية لتبطش بكل شيء، بالطائفة والدولة والمواطنة والشعب والمجتمع واللؤلؤة. في لحظة سديمية، بدا كلّ شيء مشروع تدمير من أجل الاحتفاظ بالسلطة فقط.
* كاتب وناقد بحريني
6 تعليق
التعليقات
-
مش صحيحانا ساكن عند الدوار و مش صحيح ان الطائرات ضربت الدوار. رجال الامن حضروا بمسيلات الدموع. يرجى عدم اعطاء الامور بعدا دراميا. الحرية التي تتكلم عنها انقلبت فوضى عارمة بالبلد و اصبحت المنامة بيروت 2. شو علاقة الحرية بكتابة الشتائم و توسيخ الجدران. شو علاقة الحرية بتحويل الدوار الى حديقة عامة و جلسات من تدخين الشيشة و توزيع الماكولات المجانية و كافة انواع العصائر و اهلين بالشباب. بعدين الجملة "خارج الجغرافيا، لكنّه داخل التاريخ" مأخوذة من احدى حلقات طاش ما طاش عن حلقة حرب الخليج..نحن في البحرين و شفنا شو صار. الله ستر لان الحرب الاهلية كانت على الابواب لولا الجيش.
-
رائع مقالك يا أبورائع مقالك يا أبو باسل.. "الدوّار الآن خارج الجغرافيا، لكنّه داخل التاريخ." "كنا داخل الدوار خارج الطائفة، اليوم نحن خارج الدوار وداخل الطائفة."
-
((الدوّار الآن خارج((الدوّار الآن خارج الجغرافيا، لكنّه داخل التاريخ)). جميل جداً
-
الحرية في دوار الشهداءالحرية ثم الحرية و ثم الحرية لمستها في جميع جوارهي وحواسي الخمس بعد 47 سنة مفقمودة ومسلوبة من قبل السلطة الحاكمة في البحرين وفعلا حسيت أني حر في ميدان الشهداء لا رقيب عليك الأ الرب وتذكرت أجدادنا واجداد أجدادنا وأبهتنا ، لكن أستبدادية السلطة الحاكمة أصابت ولدي ذو 10 سنوان في مقتل وهو يقول في الدوار يسقط يسقط النظام ، وفقد الحرية
-
>>>فالنخلة لم تعد في الدوّار، واللؤلؤة ليست في مركز الدوّار، وخيمة وعد فقدت نقطتها في محيط دائرة الدوّار. الدوّار اختطفته القبيلة، رأت فيه خروجها. الدوّار الآن خارج الجغرافيا، لكنّه داخل التاريخ». (( جميييل ))
-
خارج الدوار /داخل الطائفةعزيزي على في أحيان استثنائية كهذا الحين يتطلب أن يكون الحلم واقعيا حتى وهو حلم وظني أنك أحسنت الظن في لحظة حلم غير واقعية فحلمت أن دولة يمكن أن توجد ليتجاوز الناس فيها طائفتهم أو قبيلتهم يمكن أن يحدث ذلك لكن ليس مع هؤلاء يمكن أن يحدث في مكان ما من أدغال أفريقيا أو مستنقعا ما في حنوب شرق آسيا أما هؤلاء فغنهم ينتمون لزمن قريب من زمن السقيفة ويعيشون بأحقاد تقرب من أحقاد هند بنت عتبة ليست هذه مبالغة و لانفس من أنفاس الطائفية ماذا عسانا نعمل إنها الحقيقة فاحلم حما وقعيا