برلين | لم تصدّق المخرجة ياسمين سامديريلي (1973) حصول فيلمها «ألمانيا ـــــ أهلاً وسهلاً بكم في ألمانيا»، على الجائزة الفضية في مسابقة «جائزة الفيلم الألماني». الجائزة تمنحها الأكاديمية الألمانية سنوياً، وقد توجت العمل بجائزة أفضل سيناريو أيضاً، لياسمين وأختها نسرين (1979). مصدر تمويل هذه الجائزة هو الأموال العامة، إذ تسعى الحكومة الألمانية إلى النهوض بالسينما الألمانية لتنافس نظيراتها الأوروبية والعالمية. وتحمل اسم «لولا» تخليداً لذكرى الممثلة مارلين ديتريش (1901 ـــــ 1992) التي لعبت دور لولا في فيلم جوزف فون ستيرنبرغ «الملاك الأزرق» (1930)، وتكريماً لأبي السينما الألمانية الحديثة المخرج راينر وارنر فاسبندر ( 1945 ـــــ 1982) الذي أعاد تصوير قصّة هينريش مان في فيلم شهير بعنوان «لولا» (1981).

يتناول عمل ياسمين سامديريلي حياة عائلة تركية هاجر جدّها إلى ألمانيا في الستينيات.. بعد 45 عاماً من الغياب، يقرر الذهاب مع أولاده الأربعة وعائلاتهم في رحلة إلى قريته الأناضولية. تدور أحداث الفيلم بين رحلتين: رحلة العائلة الحالية، ورحلة الاستقرار في ألمانيا قبل نصف قرن. وتتولى السرد حفيدة ولدت في ألمانيا، في محاولة للإجابة عن سؤال هوية طرحه عليها ابن خالها الصغير: هل أنا تركي أم ألماني؟ انطلاقاً من هذه السؤال، يتناول الفيلم بأسلوب ساخر وناقد مسألة الهوية والضغوط التي يتعرض لها المرء لتحديد الانتماء لهذه المجموعة أو تلك.
لا تعطي السينمائية الشابة إجابات واضحة أو جاهزة، بل نرى أن أفراد العائلة الواحدة يختلفون في تعاملهم مع مسألة الهوية. فالجنسية الألمانية بالنسبة إلى جيل الجد ورقة لا أكثر، فيما تعني أكثر من ذلك لأولاده. وكل هذه الأسئلة تجد صداها لدى المهاجرين العرب في دول أوروبيّة أخرى... من هنا ضرورة عرض هذا الفيلم في مهرجانات وصالات عربيّة مختلفة...
لكن فيلم ياسمين سامديريلي لم ينجُ من فخّ الإفراط في الشرح أحياناً، والسذاجة أحياناً أخرى. فيما نجح على مستويات أخرى، منها جمالية الصورة وكسر النظرة النمطية السائدة إلى الأتراك في السينما الألمانية. يتجاوز الفيلم الهوس بالإسلام، وإشكاليّات متكررة مثل موقع المرأة في المنظومة التقليديّة للمهاجرين، ليصوّر تحدّيات الانتماء من خلال نسيج الحياة اليومية وهمومها. وتلخّص سامديريلي مقاربتها بقول للكاتب السويسري الألماني ماكس فريش: «لقد استقدمنا ماكينات للعمل عندنا، لكنّ الذين جاؤوا كانوا بشراً».