المنامة | بعد عام واحد على إغلاق صحيفة «الوقت» المستقلة، جاء دور «الوسط» التي ستتوقّف عن الصدور بدءاً من يوم الاثنين المقبل. هكذا، تُطوى صفحة الإعلام المستقل في البحرين ويتسيدّ القمع والرأي الواحد المشهد، لكن اغتيال «الوسط»، التي مثّلت صوت المعارضة البحرينية خلال الاحتجاجات الأخيرة، جاء قبل شهر تقريباً عند إحالة الصحيفة على التحقيق بتهمة تزوير الأخبار وفبركتها.
هذه الخطوة كانت تهدف إلى ممارسة الضغوط على الجريدة التي خضعت في النهاية، فأقيل رئيس التحرير منصور الجمري، الذي أسّس الجريدة بعد عودته من المنفى عام 2002، وعُيِّن عبيدلي العبيدلي مكانه. ويبدو أنّ «ترويض» الصحيفة لم يشفِ غليل النظام، فها هي تقفل أبوابها في غضون أيام، في الوقت الذي نفى فيه مصدر مسؤول في الصحيفة أن تكون الخسائر المالية وراء هذا الإقفال، رغم تراجع المبيعات والمعلنين ونسبة تصفّح الجريدة التي كانت الأولى والأوسع انتشاراً في المملكة. وأضاف المصدر إنّه سيُسرَّح الموظفون والطاقم من إعلاميين وصحافيين. إقفال «الوسط» وما تعرّضت له من ضغوط ومحاكمة لصحافييها ومقتل آخرين، جاءا ليُطلقا رصاصة الرحمة على المشهد الإعلامي في الجزيرة، وخصوصاً منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 14 شباط (فبراير). إذ تعرض 68 صحافياً وإعلامياً لجملة من الإقالات والاعتقالات الجماعية، كما تعرّض آخرون لتهديدات مختلفة من السلطات البحرينية والهيئات التابعة لها والأطراف المحسوبة على الدولة. وفي ظلام السجن، قُتل الناشط الإلكتروني زكريا العشيري أثناء التحقيق معه، كذلك قُتل أحد مؤسسي صحيفة «الوسط» الناشر كريم فخرواي، وأظهرت صوره، التي انتشرت على المواقع الإلكترونية، آثار تعذيب وحشي على جسده. ولعلّ «الوسط» نالت الحصة الأكبر من القمع والممارسات الهمجية بحق صحافييها والهجوم العنيف والدوري الذي شنّه عليها التلفزيون الرسمي، إذ اعتُقل أيضاً الصحافي حيد محمد، وأُخضع رئيس التحرير السابق منصور الجمري للمحاكمة مع ثلاثة مسؤولين آخرين. هذا إضافةً إلى اعتقال المدوّنين وتعذيبهم وإجبارهم على الاعتراف بأفعال لم يقوموا بها.
كل هذه الممارسات دفعت منظمة «مراسلون بلا حدود» أول من أمس إلى وضع عاهل البحرين على لائحة الزعماء «الذين انتهكوا حرية الصحافة عام 2011»، وخصوصاً في ما يتعلّق بموت فخراوي في السجن. ورأت أنّ «حمد بن عيسى آل خليفة، بوصف عاهلاً للبحرين، هو المسؤول عن مجمل أعمال العنف والأعمال التعسفية»، مشيرةً إلى أنّ المصوّرين أيضاً «دفعوا ثمناً غالياً» في هذا الربيع العربي. وبحسب المنظمة، فإنّ البحرين تعدّ اليوم منطقة خطرة على حرية الصحافيين والصحافة. وحذّرت المنظمة من أنّه إذا قبضت الحكومة البحرينية على أي صحافي، فذلك قد يودي بحياته في ظل القوانين الأمنية (حالة الطوارئ) السارية في البلد.