في الأسابيع القليلة الماضية، خرجت بعض وجوه النخبة المثقفة في الجزائر عن صمتها، وأماطت اللثام عن ارتباطها العضوي بخيارات الجهات الرسمية. علامة الاستفهام الكبرى ترتسم على أداء «اتحاد الكتاب الجزائريين»، برئاسة الشاعر يوسف شقرة. يبدو الاتحاد غير مبال بما يدور حوله من تحوّلات، ولا بالشلل الثقافي الداخلي الذي تحاول الوزارة الوصيّة إخفاءه بتنظيم تظاهرة «تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية 2011». هكذا، تحوّل الاتحاد إلى منبر لحشد كتّاب البلاد ومبدعيها، ودفعهم إلى مباركة قرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. هذا ما حصل أخيراً من خلال تأييد مشروع تعديل الدستور الذي دعا إليه بوتفليقة في آخر خطاباته الشهر الماضي!

الروائية أحلام مستغانمي التي طالما انتقدت المشرفين على القطاع بعد انقطاع الدّعم المادي عن «جائزة مالك حداد الأدبية» التي ترعاها، آثرت أن تغيّر بعض مواقفها وتتحالف مع الأمين العام السابق للحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني) عبد الحميد مهري، ورئيس حكومة بوتفليقة الأسبق أحمد بن بيتور، وتوقع معهما بياناً يندِّد بمأساوية الوضع في ليبيا، ويدعو الجزائر إلى أداء دور إيجابي في القضية. لكنّها تفادت الخوض في الحالة الداخلية التي تقف على فوهة بركان. البيان لم يلق إجماعاً مثقفين، إذ اتهم بعضهم صاحبة «ذاكرة الجسد» بالتستر على الفحوى، وعدم إطلاعهم على تفاصيل البيان قبل نشره في بعض الصحف اليومية.
من جهة ثانية، أبان الروائي رشيد بوجدرة، المدافع عن القيم اليسارية، والمعروف منذ سنوات الستينيات بالتشبث بالأطروحات الديموقراطية، عن وجه آخر غير مألوف. ففي آخر زياراته إلى باريس تحدث عن الثورات العربية قائلاً: «كفى حديثاً عن ثورات. نحن في مواجهة حركات غير منظمة سيبسط النظام يده عليها». وأضاف صاحب «الحلزون العنيد»: «عكس دول أخرى، تعيش الجزائر في ظل التعددية الحزبية وحرية الصحافة. البلد يعيش حالة نقاهة بعدما خاض ثورتين سنة 1988 ثم 1991، لمنع الإسلاميين من الاستحواذ على السلطة». وهذا هو الخطاب نفسه الذي يردّده رؤوس النظام.
تأزُّم الوضع الراهن، وتداخل لعبة المصالح، أثبتا أن الكثير من أسماء النخبة المثقفة في الجزائر... يسيرون في فلك السلطة. ها هو الروائي أمين الزاوي يدعو كتّاب الجزائر وفنانيها إلى مواصلة الالتفاف حول رئيس الجمهورية: «لقد انفرج الوضع السياسي في بلادنا، وتبدّد الخوف كليَّة أو كاد، وأصبحت الدولة سخية بمالها على الثقافة، الشيء الذي لم يحدث منذ سنة 1962 ولم يحدث في بلد مجاور أو غير مجاور من بلاد العرب والغرب، فحتى بلدان الخليج لا تصرف على الثقافة بهذا السخاء والأريحية».
هل نشكر الرئيس وحكومته على هذه المنّة؟