دمشق| مع بداية الاحتجاجات في سوريا، وقف نجوم الدراما حائرين. انتظروا أياماً عدة، ثم قرر بعضهم إصدار بيان أثار جدلاً واسعاً، فيما تهافت بعضهم الآخر للظهور على الشاشات المحلية لتأييد للنظام. لكن على غير العادة، طالب الجمهور في اتصالات مع تلك المحطات، بالكف عن استضافة الفنانين، لأن الشعب السوري قادر على التعبير عن نفسه، وليس بالضرورة أن تتحدّث باسمه مجموعة من الممثلين.
هكذا، آثر الفنانون الانسحاب، واستئناف عمليات التصوير التي توقفت غالبيتها لأيام، ما دامت المسألة باتت غير محسومة، ولا أحد يعرف مصير الاحتجاجات. ورغم أنّ نسبة كبيرة من نجوم الدراما السورية يهتمون بالشأن السياسي، إلا أنّهم باتوا يفضلون الاحتفاظ بوجهة نظرهم لنفسهم، بموازة حرصهم على ترويج أخبارهم الفنيّة.
غاب نجوم الشاشة عن الحدث إذاً، باستثناء بعضهم أمثال بسام كوسا وجمال سليمان وزهير عبد الكريم... وقد سجلت لهم قناة «سورية دراما» شهادات بثتها على شكل فواصل دائمة. ومقابل ذلك، تأثرت عجلة الدراما السورية الحكومية بما تشهده البلاد، إذ أجّلت «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني» تصوير أعمال عدة، منها «شرف قاطع طريق»، و«المصابيح الزرق» عن رواية حنا مينة وسيناريو محمود عبد الكريم وإخراج ثائر موسى ومحمد عبد العزيز، ومسلسل لوحات بعنوان «أنت هنا» من كتابة شادي دويعر وإخراج علي ديوب، إضافةً إلى عمل آخر من فكرة باسم ياخور وكتابة خالد خليفة...
واستمر تصوير عملين هما «ملح الحياة» لحسن م يوسف وأيمن زيدان، و«سوق الورق» لآراء جرماني وأحمد إبراهيم أحمد. كذلك فضلت الممثلة نسرين طافش تأجيل مسلسل «رابعة العدوية... العشق الإلهي» إلى العام المقبل وكان يُفترض أن تباشر تصويره في نيسان (أبريل) الماضي. وقد جاء قرار التأجيل تجنباً لمغامرة الإنتاج في هذه الظروف، خصوصاً أن المسلسل من أول ما تنتجه شركة طافش «ميراج للإنتاج الفني».
الليث حجّو تحدّى الظروف وباشر تصوير مسلسله الكوميدي «خربة» الذي كتب نصه ممدوح حمادة، ويلعب بطولته دريد لحام ورشيد عساف وباسم ياخور. وقد ساعده في ذلك أنّ التصوير يجري في محافظة السويداء التي لم تشهد تظاهرات واسعة، على عكس ما حصل مع فريق مسلسل «بقعة ضوء» للمخرج عامر فهد، إذ كان يصور عدداً من مشاهده في معضمية الشام في ضواحي دمشق، وهي المنطقة التي كانت مسرحاً لأحداث دامية. وقد أوقف فريق العمل لدى عودته من التصوير ليلاً بعدما أثارت سيارات التصوير ريبة الأمن، ولم يُفرج عن المعدات إلا بعد تدخل أحد المقربين من رجل الأعمال السوري الشهير والنائب محمد حمشو صاحب شركة «سوريا الدولية» منتجة العمل.
من جهة أخرى، فضّل بعضهم التسريع في عمليات التصوير وإنهائها على عجل. وهذا ما حدث مع المخرج علاء الدين كوكش في المسلسل الشامي «رجالك يا شام». أما المخرج سيف الدين السبيعي، فقد فضل الابتعاد عن التصوير في مناطق ريف دمشق التي تشهد كل يوم جمعة تظاهرات، وهو الخيار ذاته الذي التزم به المخرج تامر إسحق الذي يصور «العشق الحرام» من كتابته مع بشار بطرس، والمخرج ناجي طعمي الذي يقود الجزء الثالث من مسلسل «صبايا» لمازن طه ونور الشيشكلي. فيما يكمل المخرج شوقي الماجري تصوير مسلسله «توق» المقتبس عن رواية بدر بن عبد المحسن في مدينة حلب الهادئة حتى الآن. وسيكمل الماجري التصوير في اللاذقية وتدمر قبل أن ينتقل إلى تونس، علماً بأنّ العمل من بطولة غسان مسعود وسلافة معمار وقصي خولي، وكتب السيناريو عدنان العودة.
ويجمع صناع الدراما على قرار الابتعاد ليس فقط بأسمائهم، بل أيضاً بأعمالهم عن وسائل الإعلام، تجنباً لانتقاد الرأي العام. إذ يرى هؤلاء أن من غير المنطقي أن يطلّوا للحديث عن أعمالهم الدرامية بينما يسقط الشهداء في سوريا. من جهة أخرى، لم تثن اعتراضات مواقع التواصل الاجتماعي الممثل والمنتج فراس إبراهيم عن المضي قدماً في إنجاز مسلسله «في حضرة الغياب» الذي يتناول سيرة الشاعر الراحل محمود درويش. ولم توقف الأحداث كاميرا المخرج نجدت أنزور عن إكمال تصوير العمل، لكنّ المسلسل توقّف منذ أيام بسبب أزمة تسويق وفق ما تردّد. تبدو الدراما السورية بحال جيدة ولم تتأثّر بما يشهده البلد كثيراً. لكنّ الحصيلة تشير إلى أن نجوم هذه الدراما فقدوا قدرتهم على التأثير في المُشاهد، بعد مواقفهم من الأزمة التي تمر بها سوريا.