«أختنا سهير محتجَزة في كنيسة القدس، روحوا حرروا القدس وهاتوا سهير»، هذا التعليق الساخر الذي انتشر على «فايسبوك» بعد فتنة إمبابة الشهيرة، التي راح ضحيتها 12 مصرياً، يمثّل نموذجاً لكيفية تعاطي المستخدمين المصريين مع الأحداث في بلدهم. الموقع الأزرق بات لسان حال نسبة كبيرة من الشعب المصري، ومرآة تعكس مزاج الرأي العام، والأهم وسيلة قد تنافس الإعلام المصري التقليدي.بالتطبيق على ما حدث في إمبابة (محافظة الجيزة)، يمكن عبر «فايسبوك» التأكد من مدى تماسك الشعب المصري في وجه المؤامرات التي تحيط بالثورة، وخصوصاً تلك التي تحمل رائحة الطائفية الكريهة. بهذا يمكن تفسير تعليق «سهير وكنيسة القدس» الذي يسخر من حماسة بعض السلفيّين لتحرير سيدات يقال إنّهن محتجزات في الكنائس المصرية، متناسين فلسطين والعدو الحقيقي. كأنهم يخوضون حرباً باسم الإسلام، لكن عدوهم هو إخوانهم في الوطن. ليس هذا فقط. انطلقت التساؤلات عن الدور الذي أدّته هذه الفئة من السلفيين في الثورة. التيار السلفي تحديداً طلب من أتباعه عدم المشاركة في تظاهرات «25 يناير»، وناشد الناس البقاء في البيوت. وها هو يستغل اليوم مناخ الحرية من أجل تطبيق أفكاره
بالقوة.
«فايسبوك» أسهم أيضاً في كسر الجدار الوهمي الذي صنعه التعتيم الإعلامي قبل الثورة على قضية المحتجزات في الكنائس المصرية. من خلاله، يمكن أن ترى أحدث الفيديوهات المسجلة لكاميليا شحاتة، التي خرجت أخيراً لتؤكد أنّها لا تزال مسيحية، وترفض كل التظاهرات السلفية التي خرجت لتحريرها. كذلك، ظهر شريط لعبير طلعت، «بطلة» فتنة إمبابة الأخيرة، أظهر أنّها لم تتزوج مسلماً بعد، لأنها لا تزال في مرحلة الخلع مع زوجها المسيحي بعد إشهار إسلامها. هكذا سالت الدماء وانتشرت الفتنة بسبب علاقات شخصية بين رجال ونساء استغلها مشعلو الحرائق لتقويض الوحدة الوطنية. والسخرية كانت حاضرة أيضاً هنا، إذ طالب كثيرون على «فايسبوك» بأن تكون الفتن المقبلة من أجل فتيات «مُزَز»، أي جميلات!
على المنوال نفسه، بات «فايسبوك» وسيلة لكشف غموض ما يجري على الأرض، وهو ما تجلى في أزمة إمبابة بعد انتشار فيديو لسلفي يدعى «أبو أنس» يقول للمحيطين به «منبقاش رجالة لو محرقناش كل كنائس إمبابة». بالطبع لم يدرك أبو أنس أنّ من يصوره بالهاتف الخلوي، سيضع الفيديو على «يوتيوب» ومنه إلى «فايسبوك» لتنطلق صفحات تدين «الراجل اللي ولّع إمبابة». وعندما خرج في اليوم التالي لينفي التهمة ويعتذر، نقل الإعلامي يسري فودة الـ «فايسبوك» إلى شاشة «أون. تي. في» وعرض مقطع التحريض أمام الملايين.