تعمل «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» «بمنهجية علمية صارمة على تثبيت رواية أهل الأرض في ظل الصراع على الرواية بين الفلسطينيين والصهاينة». وقد سخّرت المؤسسة الرصينة لغايتها أرشيفاً ضخماً من الوثائق والصور والمذكرات والسير، والطوابع. في كتاب أنيق يحمل «تاريخ فلسطين في طوابع البريد»، تنشر المؤسسة مجموعة طوابع يراوح تاريخها بين سبعينيات القرن التاسع عشر، وصولاً إلى الانتفاضة الثانية. مع كلّ طابع، شرح مفصّل بالعربية والإنكليزية، يضعه في سياقه التاريخي. يضاف العمل المحدّث عن طبعته الأولى الصادرة عام 2001 إلى الرحلة المرئية «قبل الشتات» المنشورة بأربع لغات، وكتاب «كي لا ننسى: القرى المدمرة»، استكمالاً للعمل البحثي الهائل حول فلسطين تحت الحكم العثماني الذي تقوم به «مؤسسة الدراسات الفلسطينية».يقع الكتاب في خمسة أجزاء يعرض أولها تاريخ البريد في فلسطين والطوابع التي صدرت فيها خلال مختلف العصور. أمّا الفصل الثاني، فمخصص للطوابع التي أصدرتها دول العالم عن فلسطين أو عن القضية الفلسطينية. وثالث الأجزاء يتمضن طوابع تظهر التضامن مع الشعب الفلسطيني في مراحل مسيرته الوطنية باختلاف أشكالها وفصولها، فيما يعرض الجزء الرابع طوابع تظهر القدس، والعَلَم الفلسطيني، وخريطة فلسطين... وتظهر هنا أيضاً الطوابع التي أصدرتها الحركات الوطنية الفلسطينية بمختلف تشكيلاتها تخليداً لذكرى رموزها. وهنا تبرز مجموعة كاملة لطوابع تحمل رسوم غسان كنفاني مثلاً.
تبيّن بعض الطوابع استغلال المستعمر البريطاني صوراً لقبة الصخرة، ومسجد طبريا، وقبة راحيل، وبرج داود، ضمن إهمال متعمّد لأماكن العبادة المسيحية، ما يوحي للعالم أن الصراع في فلسطين إسلامي يهودي! وتحمل طوابع مرحلة الانتداب رموزاً وحروفاً تشير إلى أنّ فلسطين هي «أرض إسرائيل». خصص الجزء الخامس الأخير للطوابع التي تصور المعارك التي دارت على أرض فلسطين أو باسمها، مذكّراً بالجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني. يعتقد صاحب مجموعة الطوابع المنشورة في الكتاب نادر أبو الجبين ـــــ الحيفاوي المقيم في الكويت ـــــ أن حصيلة عمره من الطوابع تؤلّف قرابة 98 في المئة من مجمل ما صدر منذ أواخر العهد العثماني. ويأمل الرجل الذي ناهز الثمانين أن تعكس الطوابع «الحق الفلسطيني بالعودة».