يأمل كثيرون أن تستفيد الدراما اللبنانية من تأجيل بعض المسلسلات في القاهرة بسبب الثورة، كي تحضر بقوة في رمضان 2011. إلا أنّ هذا الأمر يظلّ في إطار التمنّيات. لولا إيمان lbc بجدوى الإنتاج اللبناني، واتخاذ «المنار» القرار بالتأريخ للمقاومة الإسلاميّة في الدراما، لما حظينا بمسلسلين يحكيان عن لبنان برؤيتين مختلفتين. الرؤية الأولى تعود إلى ما قبل الاستقلال مع «باب ادريس». والثانية تبدأ مع الشرارة الأولى لعمليّات «حزب الله» في جنوب لبنان مع الجزء الأول من «الغالبون» للكاتبين فتح الله عمر ومحمد النابلسي، والمخرج باسل الخطيب الذي أنهى تصويره أخيراً، وهو من إنتاج «مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني». أما «باب ادريس»، فهو المسلسل اللبناني الوحيد الذي ستعرضه lbc في رمضان وفق ما يؤكد المنتج مروان حداد. العمل الذي يحمل توقيع المخرج سمير حبشي، دراما اجتماعيّة تاريخيّة كتبتها كلوديا مرشليان في ثاني لقاء رمضاني يجمعهما بعد «مجنون ليلى» قبل أربع سنوات.

اختار حبشي تصوير العمل في المناطق اللبنانيّة الأثريّة كساحل علما (جبل لبنان) والقليعات (شمال) حيث ما زالت الأبنية تحافظ على طابعها التاريخي الذي يعود إلى أيّام الانتداب الفرنسي. لا يجد المخرج اللبناني وقتاً كافياً للتحدث عن عمله. يكتفي بإجابات سريعة في انتظار تركيب الإضاءة ونقل الكاميرا من مكان إلى آخر استعداداً للمشهد التالي. يوضح: «لدينا أكثر من خمسين موقع تصوير، نحرص على أن تعطي انطباعاً بأنّها تعود إلى الأربعينيات من خلال الاهتمام بالأكسسوارات والألوان».
لا يتحدث المخرج كثيراً عن القصّة. يقول: «نرصد فترة ما قبل الاستقلال، وتحديداً لدى اعتقال رئيس الجمهوريّة بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح ثم أيّام الاستقلال اجتماعيّاً لا سياسياً. كذلك نسلط الضوء على التعايش الإسلامي المسيحي من دون افتعال». ويرى حبشي أنّ «ميزانية «باب ادريس» أفضل من ميزانيات أي مسلسل أنتج محليّاً حتى الآن». ويلفت إلى أنّ «مواصفاته الإنتاجية تجعله قابلاً للعرض عربيّاً من دون أي خجل».
يشرح المنتج مروان حداد قائلاً إنّ الدراما مرت معه بمراحل عدة بدأها مع شركة «رؤى للإنتاج»: الأولى في «بنات عماتي وبنتي وأنا»، والثانية في «ابنة المعلم»، موضحاً أن «المرحلة الثالثة هي مع «باب إدريس» وما بعده».
من جهة ثانية، تنوّه كلوديا مرشليان بخطوة lbc التي لم تتعامل مع العمل إنتاجيّاً كباقي الأعمال، «فهو يحتاج إلى بناء خاص، وأزياء من الأربعينيات وحشد كبير من الممثلين». ثم توضح أنّ الأحداث تبدأ في رمضان 1943 (صادف في شهر أيلول/ سبتمبر من تلك السنة)، وتنتهي بُعيد الاستقلال. وتشرح عن أسباب اختيارها التأريخ دراميّاً لهذه المرحلة: «شاهدنا وثائقيات ودراما عن الاستقلال وصنّاعه، ولم أشأ أن أكرّر التجارب السابقة. من هنا سألت كيف عاش الناس في بيروت يومذاك؟». وتضيف: «اخترت شارع باب ادريس عينةً عن بيروت 1943 التي كانت خليطاً من الأجانب والعرب والقبضايات الذين انقسموا، فظلّ بعضهم على قناعاته، بينما سار بعضهم الآخر مع سلطات الانتداب». وتتوقف عند شخصيّة عمر (كارلوس عازار)، الشاب الفرنسي من أصول لبنانيّة.
هنا، يصف عازار الشخصيّة قائلاً: «عمر شاب مسلم من عكار (شمال لبنان). نشأ في فرنسا وعاد إلى لبنان لينخرط في الخدمة العسكرية، وتشاء الظروف أن تجمعه قصة حب بفتاة لبنانية اسمها علا (جويل داغر)». ويحوي العمل أيضاً نماذج أخرى لشباب متحمّسين للثورة والاستقلال، وصيّاد سمك يرندح أدواراً لسيد درويش على شاطئ البحر، وامرأة تدعى تقلا (نغم أبو شديد) تقع في غرام شاب مسلم، وبائعة البوظة (تقلا شمعون) الجريئة التي تعيش قصّة حبّ مع شاب يعمل في الفخار في شارع قريب من وادي أبو جميل».
وتشرح مرشليان: «سنتعرف إلى امرأة (نادين نجيم) متزوجة من زكريا (يوسف حداد)، ومغرمة بضابط فرنسي (بيتر سمعان) يعيش حياة مضطربة». ويعلّق بيتر قائلاً: «إنّه رجل سادي، ينتقل من حالات غرامية إلى حالات انتقام وفجور، ويواجه مشكلة مع المرأة اللبنانية أيام الانتداب الفرنسي».
يضم العمل أيضاً الحكواتي في قهوة الحاج نقولا، ثم الراقصة (كارلا بطرس) التي تعمل في حانة وتساعد الثوّار، ويحبّها كولونيل فرنسي (رضوان حمزة)، بينما تحب هي شاباً يصغرها سنّاً (يوسف الخال). ويضم المسلسل عمر ميقاتي، ونقولا دانيال، وختام اللحّام، وسعد حمدان.
ورغم كثرة شخصيات «باب إدريس»، تؤكد مرشليان أنّ المشاهد ستجذبه الحقبة، والمجتمع المترابط الذي لا يشبه حياتنا اليوم، «هو جمعة هؤلاء الناس في هذا الشارع الذي يمثّل عينة من بيروت».



«فورة» درامية

يؤكد مروان حداد أنّ «باب إدريس» الذي وضع موسيقاه التصويريّة يوسف الخال، هو المسلسل اللبناني الوحيد الذي ستعرضه lbc في رمضان لأنّه «الوحيد الذي يفترض أن ينتهي في تموز (يوليو). وسبق أن انتهينا من تنفيذ «آخر خبر» للمخرج هشام شربتجي لمصلحة mbc». ويرى أن الفرصة اليوم لدخول السوق العربيّة، «إذا وجد عمل جيّد فستلتفت إليه المحطات العربيّة بخلاف الحكم المسبق الذي كان يصدر على أعمالنا قبل رؤيتها». علماً بأنّها المرة الأولى التي تصوّر فيها «مروى غروب» أربعة أعمال. إضافة إلى «باب ادريس»، ينهي المخرج إيلي حبيب مسلسل «ذكرى». وبدأ زياد نجار تصوير «ورثة خالي»، والمخرج فيليب أسمر خماسيّة «كازانوفا».