الصورة الفائزة في World Press Photo لعام 2011 هي الأكثر أذيةً. رغم ابتسامة الفتاة الأفغانية التي تنظر باتجاه المصور الجنوب الأفريقي جودي بايبر، يدفع غياب الأنف عن الوجه الناظر إلى البحث عن التفاصيل المكتوبة إلى جانب الصورة على حساب الصورة نفسها لملء النقص. سرعان ما يقرأ جريمة «طالبان»، وينسى الصورة متيحاً إمكان الإضافة إلى مخيلته. الإضافات ممكنة دوماً عندما نتحدث عن صور فوتوغرافية. في المعرض أيضاً، صورة أخرى عنيفة التقطها الإسباني غوستافو كوفاس حيث يخترق قرن الثور عنق المصارع داخل الحلبة. هذه الصورة بالذات خضعت لنقاش طويل بين المصورين حول إمكان نشرها. لكن السجال المثار حول «المعرض العالمي لصور الصحافة 2011» الذي تحتضنه «أسواق بيروت»، بمبادرة من السفارة الهولندية و«سوليدير» وجامعة NDU، له عنوان آخر: آميت شعّال. كيف أمكن مصوّراً إسرائيلياً أن يتربّع بكل طبيعيّة على أحد جدران «أسواق بيروت»؟ المصور الفائز بالمرتبة الثالثة في فئة «قصص الفنون والتسلية»، أثار عاصفة من الاحتجاجات، ونقاشات حادة امتدّت إلى فايسبوك داخل صفحة المعرض، بعدما أثار القضيّة مصوّرون لبنانيّون راعهم أن يكتشفوا أن إسرائيلياً يعرض في بيروت! المصور نويل نصر، أحد منظمي المعرض من «جامعة سيدة اللويزة» قال لـ«الأخبار» إنّ المديرية العامة للأمن العام» شاهدت «الكاتالوغ»، ووافقت على عرض جميع الصور. تلك ليست وجهة نظر الأمن العام اللبناني، ولو أننا لم ننجح في الحصول على تصريح واضح من الدائرة المختصّة بهذا الشأن. لكن ماذا عن الأعمال التي أثارت الجدل؟ ارتكزت صور آميت شعّال الست على فكرة ثابتة: المكان نفسه بين الأمس واليوم. الصورة القديمة في موازاة الصورة الراهنة. هكذا تبدو الذاكرة وقد فرّغت من روحها تحت وطأة الأمر الواقع. هذا الالتباس يبدو مشبوهاً رغم فنيته العالية. في الشق الأرشيفي الذي يوحي بهوية المدينة، قبل أن تخضع للمتغيرات الثقافية والعمرانية، تظهر فلسطين دوماً بالأبيض والأسود، غالباً متمّماً ثانوياً للمدينة «الإسرائيلية» بصورتها المعاصرة. تبدو الصور معبّرة عن «حقيقة» غير قابلة للنقاش، ومن هنا خطورتها. بمعزل عن الجانب «التجريبي» للعمل، فإن شعّال ليس بريئاً. مشروعه أشبه بممحاة تعبر الزمن، قراءة تحريفيّة للتاريخ، من وجهة نظر الرواية الصهيونيّة، تجسّد الرجل الفلسطيني الذي كان واقفاً في إحدى الصور أمام «مسجد الاستقلال» في حيفا عام 1941، لتعود فتخفيه في الصورة الجديدة للمدينة البحرية. أما نوافذ «هافيف»، أولى المدارس العبرية داخل فلسطين، فتتبدّل من شبابيك متناسقة مع النسيج العمراني المتوسطي عام 1929، إلى واجهات زجاجية مربعة على النسق الكولونيالي. ذلك يذكّر بعنوان كتاب شهير لإيلان هاليفي: «تحت إسرائيل... فلسطين».