الرباط | انطلق «مهرجان موازين» هذا العام على إيقاع الاحتجاجات. الإسلاميون وبعض مكوّنات «حركة 20 فبراير» انتقدوا الحدث السنوي الفني الأبرز على الساحة المغربية، لأنّه «يبذّر المال العام»، بحسب تقديرهم. شباب «20 فبراير» وعدوا بأنّهم سيعبّرون عن احتجاجهم عبر شراء تذاكر في الصفوف الأمامية، ورفع شعارات تندّد بالتبذير. لكن الأيام الأولى من المهرجان لم تشهد أيّ تحرك مماثل، وخصوصاً أنّ السلطات منعت مسيرة للشباب كانت ستنظم في 22 أيار (مايو)، وقمعتها بعنف، مخلّفة عشرات الجرحى والمصابين.
الهاجس الأمني سيطر بقوة على يوميات الدورة العاشرة من «موازين» التي تختتم غداً السبت، مع حفلة للمغنية الكولومبية شاكيرا الآتية من بيروت، حيث أحيت حفلتها على واجهة بيروت البحريّة الجديدة. هكذا ظهرت في المدرجات قوى أمنية رسمية مختلفة، بينها الشرطة وجهاز القوات المساعدة، إضافةً إلى شركة أمن خاصة تعاقد معها المنظّمون، وسط سيطرة هاجس «الإرهاب»، بعد تفجير مراكش الشهر الماضي. افتتاح المهرجان جاء على إيقاع عربي مع المطربة السورية ميادة الحناوي، إضافةً إلى عرض مميز لفرقة «بهاراتي» الهندية... لكنّه شهد أيضاً وقفة احتجاجية للعاطلين من العمل من ذوي الشهادات، قمعتها الشرطة. اليوم الأول من العروض لم يشهد إقبالاً واسعاً بحسب وسائل إعلام محلية، لكنّ أعداد المشاهدين سرعان ما تضاعفت، ليزور المهرجان 200 ألف متفرج في يوميه الأولين.
شهدت حفلات المهرجان حضور فنانين عالميين مثل النجم الأميركي الشهير كاين ويست، إضافةً إلى مغني الروك البريطاني رودجر هودجسون الذاهب إلى «مهرجان بيروت للموسيقى والفنون» BMAF بعد أيّام (٣١/ ٥)، ومواطنيه جو كوكر وليونل ريتشي، وسيكون مسك الختام اليوم مع شاكيرا. وقد حل يوسف إسلام أيضاً ضيفاً مميزاً على «موازين». صعد المنشد البريطاني إلى المسرح بجلباب مغربي أبيض ليؤدّي أغنيات شهيرة من ريبرتواره، وحمّلها رسائله الأثيرة: ضرورة ترسيخ قيم التسامح والسلم عبر العالم، وهي فلسفة تحدّث عنها باستفاضة خلال المؤتمر الصحافي الذي سبق الحفلة.
أهم لحظات المهرجان، بحسب تصريحات مديره الفني عزيز الداكي، كانت حفلة مرتقبة لفرقة «ناس الغيوان» الشهيرة، التي ألهمت أجيالاً من المغربيين منذ تأسيسها خلال السبعينيات. وشاركت في حفلة «ناس الغيوان» المغربية سعيدة فكري، والأميركي فيكتور ووتن، والجزائري صافي بوتلة. الحفلة هي نتيجة مجهود طويل عمل عليه الفنانون طيلة سنة، وكان الهدف منه تجديد ريبرتوار الفرقة. هكذا، عادت أغانٍ مثل «فينْ غادي بِيّا خويا؟»، و«غير خودوني»، و«الصِّينية»، «مَاهَمُّونِي» لتصدح في سماء الرباط... لكن هذه المرة بتوزيع موسيقي جديد شارك فيه الفنانون الأجانب، وتميز بإدخال آلات جديدة إلى موسيقى «الغيوان». وبحسب إدارة المهرجان، فإنّ حفلة الفرقة الأسطوريّة ستُسجّل في ألبوم خاص. اللافت في تلك الحفلة أنّ الفنان صافي بوتلة ارتدى قميصاً عليه ألوان العلمين المغربي والجزائري. ورأى أنّ كلمات «الغيوان» سبقت الحراك الثوري في العالم العربي بأربعين سنة، قبل أن يكمل قائلاً: «ليحيَ المغرب، الجزائر، تونس، وناس الغيوان». ومن أبرز محطات المهرجان أيضاً أغنية «بكرا» التي أُنتجت خصوصاً للمهرجان، وتتمحور حول موضوع الأمل. وقد ألّفها ولحنها المغني الأميركي كوينسي جونز، والمؤلف الموسيقي المغربي المقيم في الولايات المتحدة رضوان الذي عمل مع أبرز المغنين على الساحة الموسيقية العالمية حالياً، وكان وراء الألبوم الأول لليدي غاغا.
إلى جانب رسالة بوتلة، لم يخلُ المهرجان في أيامه الأولى من رسائل سياسية، كان معظمها عن الثورات العربيّة. المغربية أسماء المنور مثلاً أعلنت أنّها تبارك «الثورات في كل من مصر وتونس. الفن يبقى وسيلة للتعبير عن مساندة الإصلاح والتغيير». المطربون الجزائريون الأربعة المشاركون في «موازين»، إيدير، وسعاد ماسي، وصافي بوتلة، وسامي راي، أطلقوا مفاجأة من العيار الثقيل، حين أكّدوا ضرورة فتح الحدود المغربية الجزائرية.
وبدا الحضور الموسيقي العربي بارزاً في المهرجان أيضاً. الفنان السعودي راشد الماجد تغيّب عن إحياء حفلته لدواع صحيّة، فيما بقي كلّ من كاظم الساهر، وعمرو دياب، وحسين الجسمي، ونوال الزغبي على الموعد.
لم تنجح الهبّة السياسيّة في قلب المعادلة إذاً، وبقي «موازين» على حاله. محمد منير الماجدي، مدير الكتابة الخاصة للملك محمد السادس، ومدير منظمة «مغرب الثقافات» منظّمة المهرجان، تعرّض لانتقادات واسعة من طرف شباب «20 فبراير»، واختفى عن الأنظار لمدة... لكنه عاد ليظهر فجأة، في افتتاح المهرجان الضخم.



«مهرجان موازين 10 ــــ إيقاعات العالم»: الاختتام الليلة مع شاكيرا ــــ الرباط (المغرب).
www.festivalmawazine.ma