دمشق | في خطوة لن تكون الأولى على صعيد السينما الأوروبية تحديداً، عمدت مؤسّسة «أفلام» الفرنسيّة، التي تتخذ من مرسيليا مقراً لها وتعنى بالتعريف بالإنتاجات العربيّة السينمائيّة، إلى إلغاء الدعوة التي وجّهتها سابقاً للمخرج السوري جود سعيد لعرض فيلمه «مرة أخرى» (2009 ـــ المؤسسة العامة للسينما بالتعاون مع شركة «سورية الدولية») ضمن تظاهرة «أوجه السينما العربية الجديدة». وكان يُفترض أن يشارك سعيد في التظاهرة التي أهدت دورتها للسينمائي الراحل عمر أميرلاي في «ظل الربيع العربي» واختُتمت أمس في مرسيليا، على أن تجول لاحقاً على سبع مدن فرنسية. وجاء سحب الدعوة وفق الرسالة التي وجّهتها المؤسسة إلى المخرج الشاب «بسبب انحيازك ومواقفك. فقد قررنا أن نلغي مشاركة فيلمك في تظاهرتنا». وقد قصدت المؤسسة بذلك توقيع جود سعيد على «بيان سينمائيي الداخل السوري» (راجع «الأخبار» عدد ١١ نيسان/ أبريل ٢٠١١) الذي جاء رداً على بيان «سينمائيّي الخارج». وهذا الأخير كان عبارة عن نداء وجّهه سينمائيون سوريون بارزون إلى نظرائهم في العالم، داعين إياهم الى مشاركتهم في المطالبة بكفّ يد القمع عن المواطنين السوريين. ووقّع عليه يومها حوالى 700 سينمائي سوري وعربي وأجنبي، أمثال الفرنسي جان لوك غودار والإيراني محسن مخملباف، والممثلة جولييت بينوش (راجع «الأخبار» عدد 3/5/2011).
بغض النظر عن موقف جود سعيد تجاه الأحداث الاحتجاجية في بلده وتقويمه سلباً أو إيجاباً، لا نعرف إن كان يمكن اعتبار خطوة «أفلام» فضيحةً حقيقيةً كما صرّح سعيد نفسه، أم هي حق من الحقوق الخاصة للتظاهرة وأجندتها التي بدأت تختار وتنحاز لمواقف سياسية بعينها من دون النظر إلى أهمية العمل الفني ومضمونه. ولعلّ ما قد يُجمع عليه الكل أنّه بخطوتها سحب الدعوة من المخرج السوري، مارست مؤسسة «أفلام» إرهاباً فكرياً لا يقل ضراوةً عن الإرهاب الذي تمارسه الأنظمة العربية في البلدان التي تشهد هذه الأيام ثورات وانتفاضات واحتجاجات.
وبالعودة إلى جود سعيد الغاضب من سحب دعوته للمشاركة في تظاهرة «أوجه السينما العربية الجديدة»، وإلغاء عرض فيلمه، فقد أعلن أنه لم يفاجأ بذلك، مؤكداً أنّ ذلك الإلغاء سيكون له تأثير سلبي على التظاهرة وصدقيّتها التي كانت تعدّ الواجهة لتقديم سينما عربية شابة. وأشار في سياق حديثه إلى أنّه يحقّ لمؤسسة «أفلام» اتخاذ الموقف الذي تريده مما يحدث في سوريا، لكن لا يحق لها أن تذهب إلى حد معاقبة فيلمه ومنعه من الوصول إلى الجمهور. وختم سعيد: «هم يريدونني أن أسمعهم قصائد من تلك التي يحبونها... هذا التصرف يدلّ على نموذج ثقافي قمعي يخص الجهة المنظمة نفسها».
www.aflam.fr