اسمها يعيدنا إلى زمن بطولي ليس بالبعيد، كانت جزمة الديكتاتور تحكم تونس... بمباركة العالم الحرّ. حفنة من النساء والرجال واجهت يومذاك بشجاعة أحد أبشع الأنظمة القمعيّة التي عرفها العرب. في تلك الأثناء، كان شهود الزور يتوسّلون إلى بن علي أن يمدد إقامته في قصر قرطاج، كي يحمي التقدميين والتنويريين والديموقراطيين والليبراليين من الأصولية! كلا لم ننسَ «أم زياد» ورفاقها. الآن وقد صار الجميع «ثوّاراً»، وانهمرت مليارات النظام العالمي على الثورات العربيّة التي أعاق حدوثها دهراً، إذا به يعمل على تدجينها واحتوائها.في افتتاح مؤتمر «الشبكة الدولية للتبادل الحر للمعلومات» IFEX، شاركت نزيهة رجيبة، المعروفة بأم زياد، في ندوة نظمتها جمعيّة «مهارات» عن الثورة العربية وآفاقها، إلى جانب الناشط العراقي خالد إبراهيم، والمدوّنة والإعلاميّة المصريّة نورا يونس، وفي غياب البحرينيّة مريم الخواجة التي حالت «درع» الوهابيّة دون وصولها إلى بيروت. الكاتبة والناشطة التي شاركت، قبل عقد، في تأسيس «مرصد حريات الصحافة والنشر والإبداع» في تونس، لم تستعمل ضمير المتكّلم مرّة واحدة. نبّهتنا إلى أنها لا تستأثر بتمثيل «ثورة الكرامة»، وأنّها ليست نجمة من نجومها، بل مجرّد شاهدة. تحدثت عن الشعب والحريّة التي تحققت في بلادها، فيما الديموقراطية ستكون مشروعاً طويل النفس. وسخرت المناضلة العلمانيّة من أبلسة الإسلاميين، فالوطن يتّسع للجميع. كنا نسمعها بصوتها الهادئ، وتواضعها، وصرامتها الفكريّة، وغيريّتها الشافية، ونفكّر في العرب الآخرين الذين لم تأت ساعتهم بعد. صبراً يا رفاق، سيأتي يوم تجلسون في مقعد أم زياد.