ثمانية عشرة مرّة نقلت «جاين آير» (1847) إلى شاشة السينما. أوّلها كان شريطاً صامتاً عام 1910، وآخرها فيلم أنجزه السينمائي الإيطالي فرانكو زيفيريللي عام 1996، تؤدّي فيه شارلوت غاينسبور دور المربيّة ذات الملامح الحزينة. وربّما لن نجد في أرشيف الفنّ السابع، رواية أخرى تنافس رائعة شارلوت برونتي (1816 ـــ 1855) في عدد الإقتباسات، إلا عملاً كلاسيكياً إنكليزياً آخر هو «كبرياء وتحامل» لجاين أوستن. وها هو كاري فوكوناغا (33 عاماً)، يوقّع نسخة جديدة من «جاين آير»، تعرض حالياً في الصالات اللبنانية والعالمية.
في رصيد هذا المخرج الأميركي حتى الآن، فيلم روائي يتيم، يحمل عنوان Sin Nombre (2009). لكنّ انعدام الخبرة، لم يمنع السينمائي الشاب من إنجاز إحدى أكثر طبعات الرواية العاطفية إقناعاً. فقد ارتكز العمل على سيناريو متين أنجزته مويرا بوفيني، يقارب الرواية من زاوية مغايرة لما رأيناه في السابق. عند استعادة جاين آير، تطغى غالباً الحبكة العاطفية التراجيدية: فتاة فقيرة، تخرج من الميتم إلى قلعة ضخمة، حيث تعمل كمربيّة، فيقع ربّ المنزل في حبّها، قبل أن تكتشف أنّه متزوّج من مجنونة مسجونة في إحدى غرف القصر. في نسخة 2011، تبدأ الأحداث عند ذروة الأزمة: جاين الهاربة، ترتمي على باب الكاهن سانت جون وشقيقتيه، وتبدأ باستعادة ماضيها، عبر سلسلة من الفلاش باك. تؤدي ميا فاسيكوفسكا دور جاين مأزومة: فهل تواصل عيش حريّتها المستجدّة، أم تستسلم لنداء الحب القديم؟ الممثلة الأسترالية التي نالت شهرة واسعة بعد أدائها في نسخة تيم بورتن غير الموفّقة من «أليس في بلاد العجائب»، تنجح بإقناع المشاهد العادي بجاين معاصرة، تشبهه. فهي ليست جميلة، ولا محظوظة، ولا تحسن اتخاذ الخيارات الصحيحة... الوصفة الهوليوودية بامتياز لإجتذاب الجمهور اليائس (راجع شريط «براشوس» للي دانيلز/ 2009).
إلى جانب لقطات الكاميرا الرائعة، يعود نجاح «جاين آير» إلى سيناريو متين، تعامل مع النص الأدبي بذكاء. التركيز على شخصية جاين، وليس على علاقتها بالسيّد روتشستر، أخذ من عمل برونتي حسّه النسوي، وموقفها المناهض للمؤسسة التربوية والدينية في أواخر القرن التاسع عشر. أخذ منه جاين هشّة، ولكن حرّة ومستقلة وحالمة في الوقت نفسه.

Jane Eyre: «متروبوليس أمبير صوفيل» (01/328806)، «أمبير دون» (01/792123)، «سانت إيلي ـــ أنطلياس» (04/406706)