استمراراً للتقليد الذي أطلقته قبل خمس سنوات، تستضيف جمعيّة «متروبوليس» الدورة الخمسين لـ«أسبوع النقاد»، التظاهرة العريقة الموازية لـ«مهرجان كان». برعاية «البعثة الثقافية الفرنسيّة»، تنطلق العروض عند الثامنة والنصف مساء 29 حزيران (يونيو) الجاري، وتستمرّ حتى 8 تموز (يوليو) في صالة «متروبوليس أمبير صوفيل». على البرنامج ستة أفلام طويلة، و12 فيلماً قصيراً. الاهتمام بجماليات السينما المستقلّة كان الهدف من إطلاق «أسبوع النقاد الدولي» عام 1962، بمبادرة من «اتحاد النقاد السينمائيين الفرنسيين». الهدف من التظاهرة كان اكتشاف الأفلام الأولى والثانية لسينمائيين متنوّعين، في احتفاء بالفن السينمائي اللاتجاري. وتأتي استعادة العروض في بيروت فرصة ثمينة لمحبي السينما، الراغبين في الاطلاع على أعمال المخرجين الجدد.
شريط الافتتاح «أميرتي الصغيرة» (105 د ـــــ 29/6)، يحمل توقيع الممثلة الفرنسية إيفا يونيسكو، في تجربتها الإخراجية الأولى. الممثلة الفرنسية الشهيرة إيزابيل هوبير تؤدي دور هانا، وهي مصوِّرة فوتوغرافيّة، تُقنع ابنتها فيوليتا (آناماريا فارتولومي) بأن تصبح موديلاً لها. من هنا، تتحول العلاقة بين الأم والابنة إلى شيء أكبر، في خضمّ عالم الفن الباريسي. يُعيد الشريط رواية القصة الحقيقية للمخرجة التي كانت في السبعينيات عارضةً لأمِّها المصورة الفرنسية الشهيرة إيرينا يونيسكو. وكانت والدتها قد التقطت لها في سن الخامسة، صوراً عارية، أثارت جدلاً واسعاً في حينه. عبر استعادة تلك الذكريات، يبدو الشريط محاولة ذاتيّة لفهم تأثيرات تلك المرحلة على طفولة صاحبته.
على البرنامج أيضاً، فيلم الأرجنتيتي/ الإسباني «لاس أكاسياس» (85 د ـــــ 30/ 6) لبابلو جيورجيلي في تجربته الإخراجية الأولى أيضاً. البطل روبين (جيرمان دي سيلفا) سائق شاحنة متمرِّس، يعمل منذ سنوات على خط أسونسيون/ البارغواي ـــــ بوينس آيريس/ الأرجنتين. يفاجأ في أحد الأيام بجاسينتا، تطلب منه إيصالها إلى بوينس آيريس، مع ابنتها آناهي ذات الثمانية أشهر. الرحلة التي تبدأ بامتعاض السائق من وجود الطفلة، سرعان ما تتغيّر مجرياتها، في عمل تأملي حظي باستقبال حار في «كان»، ونال ثلاث جوائز منها «الكاميرا الذهبية».
من الأفلام المرتقبة «تتخذ مأوىً» (116 د ـــــ 5/ 7) للأميركي جف نيكولز، الذي نال الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد. يعدّ نيكولز أحد الوجوه الجديدة البارزة في السينما الأميركية. بطله كيرتس لافورش (مايكل شانون) أب عامل يعيش مع زوجته سامانثا (جيسيكا شاستاين)، وطفلتهما الصمّاء هانا، في بلدة صغيرة في أوهايو. ذات يوم، يقرِّر بناء ملجأ ضدَّ العواصف في ساحة بيته الخلفية، بعدما رأى كابوساً ينذره بقدوم عاصفة مدمّرة. يتحوّل هذا الهاجس إلى هوس يؤثر سلباً على علاقته بزوجته ومحيطه.
يعدنا البرنامج بعرض الفيلم الصيني «ساونا على القمر» (95 د ـــــ 4/ 7)، لزو بينغ. تدور الأحداث في جنوب الصين. يحاول البطل إنعاش الـ Sauna (حمّام البخار) التي يديرها من خلال توظيف نساء جذابات للقيام بالمهمات الإدارية، وتقديم «خدمات إضافية». حبكة الشريط غنيّة بالتعليقات السياسية، والنقد الاجتماعي لجمهورية الصين الحديثة.
يعرض أيضاً الفيلم الفرنسي المرتقب «إعلان حرب» (100 د ـــــ 6/ 7) بحضور مخرجته فاليري دونزيلي. الفيلم الذي افتتح «أسبوع النقاد» في «كان»، لقي احتفاءً نقدياً وجماهيرياً كبيراً. إنّه دراما رومانسية عن روميو وجولييت، حبيبان يخوضان معركة الحياة الجادة، بعد اكتشافهما أن ابنهما آدم، يعاني ورماً دماغي. تؤدّي دونزيلي أيضاً دور البطولة، في شريط يستند إلى أحداث حقيقية.
ومن بلغاريا، يحضر شريط «آفي» (88 د ـــــ 7/ 7) لقسطنطين بوجانوف. يحكي الشريط قصّة كامين الذي يلتقي آفي ذات الـ17 ربيعاً، الهاربة من منزلها. يوقفان السيارات للتنقل معاً، وتصبح رفقة السفر هذه فرصة لاختراع هويات مغايرة لهما، قبل أن تظهر ملامح الحب على كامين. فيلم الطريق هذا، يوظف المكان ومساحاته الجمالية بحرفيّة عالية.
وقد خصّصت التظاهرة البيروتيّة أخيراً، يومين كاملين لعروض الأفلام القصيرة، في أوّل تموز (يوليو) ثم الثامن منه. من الأعمال المعروضة «أنت بطلي يا آليكس إيفانوفيتش» لغيوم غوي (فرنسا)، و«آحاد» لفاليري روزيير (بلجيكا)، و«صبي» لتوباز أديزيس (أميركا)، «جونيور» لجوليا دوكورنو (فرنسا)، و«ياسمين والثورة» لكارين آلبو (فرنسا). أفلام بمشارب متنوّعة تنتظر الجمهور البيروتي على الموعد. من يدري، قد يصير أحد صانعيها مخرجاً عظيماً في المستقبل. يكفي أن نتذكّر بعض من مرّوا على «أسبوع النقاد» من كين لوتش وفرنسوا أوزون... إلى مرزاق علواش.

«أسبوع النقاد الخمسون ــــ كان 2011»: 8:30 مساء الأربعاء 29 حزيران (يونيو) الجاري ــ «متروبوليس أمبير صوفيل». للاستعلام: 01/204080