الرياض | في الرابعة عصر يوم الثلاثاء الماضي، دخلت موقع «الأخبار» فوجدتُ عبارة: «عفواً، الموقع المطلوب غير متاح». وهي العبارة التي تشير في السعودية إلى حجب الموقع رسمياً من قِبَل الرقيب. فركتُ عينيّ مرتين وثلاثاً. أعدت دخول الموقع مرات عدة لأتأكد. وفي كل مرة، كنت أجد العبارة نفسها. كتبتُ على «تويتر» عن الحجب، فيما تهافت الأصدقاء على استنكار هذا الحجب، والبحث في إمكانات فتح الموقع من جديد. يوم أمس، تواصل الحجب على ما يبدو. وبالطبع لا يعمد الرقيب إلى توضيح الأسباب إمعاناً في «احترام» الناس، فتبقى الأسئلة تدور في رأسي بلا إجابات: لماذا؟ وما الذي أغضبه؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟.
يمكن عرض أسباب عدة محتملة لحجب «الأخبار» في السعودية. لكنّها موجودة منذ مدة وبعضها في صلب المادة الصحافية للجريدة منذ تأسيسها... مع ذلك، لم يقرر الرقيب حجب الصحيفة. قد يكون السبب كامناً في وثائق «ويكيليكس» التي دوّخت العالم كله بما أظهرته من معلومات وتحليلات أميركية خاصة بجميع الدول ومنها العالم العربي. وقد تكون أيضاً تغطية «الأخبار» للثورات في اليمن والبحرين وقبلهما لثورتي مصر وتونس. وقد تكون مجمل المادة الصحافية التي تقدمها الجريدة في الشأنين السعودي والعربي. لكن كل محاولات تحليل أسباب الحجب لن تنفع ما دام السبب في بطن الرقيب.
ما لا يعرفه الرقيب أو لا يفهمه، أنّ كل هذه الممارسات توصل إلى نتائج عكسية تماماً، إذ إنّ الأكيد أن نسبة القراء السعوديين للصحيفة ستزداد، وأن البحث عن وسائل تجاوز الحجب سيكون الشغل الشاغل لقراء الصحيفة ولآخرين سيدفعهم الفضول إلى فهم سبب الحجب من خلال قراءة الجريدة. هكذا سيقدم الحجب دعايةً مجانية كالعادة للموقع المحجوب ويزيد من شعبيته وشهرته في المملكة.
كلنا نعرف أنّ السعودية تصنَّف دولةً معادية لحرية الانترنت. لكن عدداً ضخماً من مواطنيها هم من رواد الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي... أما القضايا التي تطرحها «الأخبار»، فتنتشر بسرعة كبيرة على «فايسبوك» و«تويتر». خلاصة القول أنّ هذا الحجب بلا معنى!