شاركت مع صديقين في كتاب بالفرنسية (أنوار على صيدا ـــــ ١٩٩٤) كان هدفه أن يعرض للجمهور الفرنسي إشكالية المسألة اللبنانية، ليؤكد أن إنقاذ لبنان لا يتم من خلال مساندة طائفة ضد أخرى، بل عبر إنقاذ الوطن ليتسنى لفئاته المتعددة أن تتكامل وتتناسق، في مجتمع مدني مؤسّس على المصلحة العامة، والطموحات المشتركة. لم نشأ الكتاب مديحاً لسليم غزال ـــــ ولم يكن ليرضاه ـــــ بل اتخذنا من موقفه مثالاً على قدرة المجتمع المدني وممثليه على النهوض بهذا العبء حين تتهيأ الظروف الإقليمية. وأجرى الصحافي الكندي جورج باكيه استطلاعاً موثقاً عن مختلف مؤسساته سليم غزال، وعن دوره أثناء الحرب وما تبعها. وتوليت رسم السياق التاريخي الذي مارس فيه نشاطه. حاولت أن أوضح جدلية الصراع القائم في المنطقة ـــــ ولبنان بؤرتها ـــــ منذ بداية النهضة، بين منطقين نقيضين. يقول أولهما بحراك داخلي يؤول إلى تحديث المشرق العربي، بتأسيسه على فكرة المواطنة ليقوى على التحكم في ثرواته ومصيره، بينما يسعى الثاني إلى التجزئة وسيلة لهيمنة القوى الخارجية بالاستناد إلى زعامات تقليدية ومصالح فئوية.
وأشرت إلى كون أحداث لبنان آنذاك حلقة من المخطط التفتيتي الذي اضطلعت إسرائيل بدور مباشر فيه، بعدما أسهمت، من خلال عدوان حزيران ١٩٦٧، في انتقال مركز الثقل العربي من مصر إلى المملكة السعودية. وبعد مقتل الملك فيصل، سعت السعودية إلى ضرب المد القومي، وكان قد هددها في عقر دارها أيام عبد الناصر، فحاولت فرض نموذجها الاجتماعي الثقافي القروسطي الذي لا تبرره إلا ثروات طائلة أُسندت حمايتها إلى الآلة العسكرية الأميركية. وفي هذا السياق، شككتُ في قدرة رفيق الحريري، المتأهب آنذاك لرئاسة الحكومة ـــــ رغم شخصيته الفذة والمنفتحة ـــــ على حلّ المعضلة الاجتماعية في لبنان، بسبب مرجعيته الفكرية في الميدان الاقتصادي. وقد همّ بعض الأعيان الصيداويين بترجمة الكتاب إلى العربية، إلى أن وقعوا على هذا المقطع من الكتاب فطوي الأمر. ولا بد من الإشارة إلى عمل ريادي في مجال الحوار بين الأديان ورد في الفصل الثاني من الكتاب، أنشأه ميشيل جوندو، وهو لاهوتي كاثوليكي فرنسي. حاول أن يبسط شروط الحوار الفعال بين المسلمين والمسيحيين، فركز على أن هذا الحوار لا يستقيم إلا إذا تنازل كل طرف عن قناعته المسبقة بامتلاك الحقيقة، قناعة مترسخة في الأديان التوحيدية الثلاثة، إذ إن الحوار مغامرة لا يخرج أحد منها سليماً، مغامرة هي السبيل إلى الحقيقة وإلى الاعتراف بالآخر. مسار لاهوتي جريء لم يُعجب بعض المسؤولين الكنسيين في فرنسا.