أن تتّخذ موقفاً معادياً لليمين المتطرف في فرنسا ليس خياراً سهلاً، لكن أن ترفع ألوان فلسطين، وتتحدّى الخطاب السائد في الوقت الراهن، مَهَمَّة أكثر صعوبة. مع ذلك، تعلن «مكتبة المقاومة» في باريس توجهها علناً، وتحتضن فلسطين بشتاتها، وبمختلف مكوناتها. تتحمّل، من حين إلى آخر، الهزات والاعتداءات، وتواصل بثقة الدّفاع عن خطّها، وعن سيرتها النضالية. «مكتبة المقاومة» التي ستحتفل في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل بعيد ميلادها الخامس، صارت اليوم تمثّل وجهة أنصار الحريات في العالم الثالث، ليس فقط في فلسطين، بل أيضاً في فنزويلا والجزائر والكاميرون... «إنّها مكتبة مفتوحة على مختلف التوجهات الفكرية، الداعمة لمبدأ التحرر، وتأسيس الفعل الديموقراطي» بحسب مؤسسها الناشط نقولا شهشاني. على مساحة تقارب 300 متر مربع، تمتدّ أجنحة المكتبة، ومنها جناح لبيع الكتب، وفضاء للعروض المسرحيّة والموسيقية والسينمائية.
تحاول المكتبة حفر مكانتها، متمسكةً بقضاياها السياسية الجوهرية، إذ تنظِّم عروضاً سينمائية، وندوات مرّ عليها جورج قرم وآلان غريش، إضافةً إلى كتّاب وفنانين كثر من فلسطين والوطن العربي. ومن ضمن أولويات «مكتبة المقاومة» إتاحة الكتب الممنوعة والمصادرة في بلدانها الأصلية أمام القارئ الفرنسي. خيار أثار حولها عداء بعض الهيئات والتنظيمات المتطرفة. في صيف عام 2009، تعرضت المكتبة لأعنف هجوم، كما يخبرنا شهشاني: «اقتحمت المكان مجموعة من المتطرفين المنضوين تحت لواء «رابطة الدفاع عن اليهود»، وخرّبت كل الأثاث والتجهيزات».
ترتبط «مكتبة المقاومة» بعلاقة وطيدة مع جمعية «أورو ـــــ فلسطين» التي تترأسها المناضلة الفرنسية أوليفيا زمور. يربط الطرفان توجه واحد وغاية أسمى: خدمة القضية الفلسطينية. شعارات المقاومة والدعوة إلى مقاطعة إسرائيل، كلفت أوليفيا زمور الكثير من المضايقات القضائية.
«مكتبة المقاومة» هي فضاء مفتوح على خيار التحرر. غالبية نشاطاتها، ومعظم الكتب المعروضة فيها، تتمحور حول القضايا الإنسانية الأكثر أهمية. صحيح أنها تركز على فلسطين ضمن أولوياتها، لكنها لا تفصل بينها وبين قضايا الشعوب المضطهدة الأخرى.


www.librairie-resistances.com