القاهرة | نشرت صفحة «ماد توك شو» على موقع فايسبوك (راجع الكادر) أخيراً إحصائيات تفيد بأنّ برامج الـ«توك شو» المصرية تشغل 28 ساعة على الهواء كل أسبوع من الأربعاء إلى السبت. بعد أيام قليلة على نشر هذه النتائج، أطلّت قناتَا «النهار»، و«العاصمة» ببرامج حوارية أخرى، رفعت حتماً هذه الأرقام. وأجريت الدراسة من دون النظر إلى أن التلفزيون الرسمي متوقّف حالياً عن تقديم هذا النوع من البرامج.المشكلة هنا لا تكمن في عدد برامج الـ«توك شو» الموجّهة للجمهور المصري، بل في غياب التنوّع والابتكار على الساحة الفضائية، مما يعكس أزمة إبداع حقيقية. بعد تنحّي الرئيس المخلوع حسني مبارك، توقّع كثيرون أن تستعيد الساحة التلفزيونية المصرية عافيتها وأن نشاهد مجموعة متنوّعة من البرامج. لكن للأسف، ذلك لم يحصل، بل اتّجه الجميع إلى نوعية واحدة من البرامج هي الـ«توك شو». وبذلك، باتت كل القنوات متشابهة، فهي تقدّم برامج تتشابه في المضمون، وتركّز في الدرجة الأولى على اسم المقدّم. إلى جانب هذه الإنتاجات، فهي تبثّ بعض المسلسلات الشهيرة، والدراما التركية. لكن من المتوقّع أن تتغيّر الصورة مع دخولنا شهر رمضان، حيث تتنافس المسلسلات، لتبدأ بعد عيد الفطر مرحلة إعادة الحسابات التي ستسبق الانتخابات البرلمانية.
انطلاقاً من هذا الواقع، تبدو الصورة المرئية في مصر مرتبكة. بل أسوأ من ذلك، إذ بات واضحاً أن أغلب القنوات الجديدة ـــــ وحتى القديمة ـــــ بدأت البثّ بحثاً عن أهدافٍ إعلامية و... سياسية واقتصادية. لكن يبقى إثبات هذا الاتهام رهناً بالأيام المقبلة، أي بعد فترة زمنية يجري فيها رصد القنوات موضع الشك: إذا استمرّت البرامج التي لم تحقق أي نجاح، فإن التمويل سيكون محلّ اتّهام خصوصاً بعد تسريب أرقام تؤكد أنّ أجور مقدمي تلك البرامج فقط في كل عام تتعدّى حاجز الـ15 مليون دولار، بالإضافة إلى تكلفة الإنتاج والبث، فيما السوق الإعلاني لا يزال يشهد تراجعاً كبيراً، فكيف ستعوض القنوات خسائرها؟ وما هو المضمون الذي يمكن أن يتميز به برنامج دون آخر وسط ساعات البث المتداخلة مساء كل يوم؟
ولعلّ كل ما سبق دفع مقدّمي هذا البرامج إلى تقديم كل ما هو مثير للجدل ولو على حساب الصدقية وميثاق الشرف الإعلامي. وفيما اعتمدت قناة «25» ـــــ أول قناة تنطلق بعد الثورة ـــــ على طاقم من الشباب لا تزيد أعمارهم على 30 عاماً، دخلت قناة «التحرير» المنافسة متّكلةً على موقف أصحابها المنحاز للثورة، خصوصاً برنامجها الأساسي «في الميدان» الذي يقدمه محمود سعد وإبراهيم عيسى وبلال فضل وعمرو الليثي. لكن يمكن القول إن هذه المحطة لم تحمل الكثير من ملامح التميز خارج إطار هذا البرنامج. أما فضائية «العاصمة» فتقدّم برنامجَي «توك شو» دفعة واحدة هما «هنا العاصمة» مع لميس الحديدي، و«ممكن» الذي يقدّمه خيري رمضان ورحمة. ورغم اختلاف المضمون، يُبث البرنامجان على الهواء مباشرة. كذلك تعرض القناة نفسها برنامج «صفحة الرأي» للشاعر عبد الرحمن يوسف الذي ابتعد هنا عن أسلوبه المعروف، إلا أنّه يناقش أيضاً ما كتبته الصحف المصرية كما يفعل برنامجا «مانشيت» على قناة «أون. تي. في»، و«الطبعة الأولى» على قناة «دريم 2».
من جهتها، أطلّت قناة «النهار» معتمدةً على وجوه معظمها مستهلك، سبق أن أطلّت على قنوات «النيل» وتحديداً قناة «نايل سبورت». ولا يتوافر على هذه المحطة أي برنامج رئيسي يميّزها عن غيرها من المحطات. بل على العكس، فإن بعض البرامج بدت قديمة، ومستهلكة. مثلاً، انتقل الناقد الرياضي إبراهيم حجازي من «نايل سبورت» إلى «النهار» ليقدّم البرنامج نفسه الذي يحمل عنوان «دائرة الضوء». كذلك انضمت إلى فريق عمل المحطة الإعلامية دعاء عامر قادمةً من قناة «الحياة». ويطلّ أيضاً على هواء «النهار» مقدم برامج المصارعة واللياقة البدنية ممدوح فرج. أما الوجه الجديد الوحيد فهو عمرو قطامش الذي فاز بالمركز الأول في برنامج arabs got talent على قناة mbc4 بعد الثورة مباشرة.
وإذا كانت القنوات الجديدة تَعِد جمهورها بالمزيد من التميز في رمضان المقبل، ربما اعتماداً على التراجع المتوقع للتلفزيون المصري بسبب ظروفه المالية الحالية، فإن حلبة المنافسة لم تُقفل بعد. بل هناك محطة «البيت بيتك» التي يملكها المنتج محمود بركة، وقد أعلن إطلاقها أخيراً. إلى جانب فضائية و«القاهرة والناس» التي تعود في رمضان كما هي الحال منذ عامين. كذلك هناك قنوات أخرى غير ترفيهية مثل قناة «المصري» الناطقة بلسان «حزب الوفد»، وقناة «مصر 25» التي قيل إنها تابعة لـ«الإخوان المسلمين» قبل أن تنفي الجماعة الخبر.



إحصاء فايسبوكي

تطرح صفحة «ماد توك شو» يومياً مجموعة من الأسئلة على متصفحي موقع فايسبوك. وهي أسئلة تتعلّق بالبرامج التي تقدّمها القنوات المصرية. وانطلاقاً من الإجابة عن هذه الأسئلة، تقدّم بعض الإحصاءات. مثلاً «ما هو البرنامج الذي كنت حريصاً على متابعته خلال الشهر الماضي؟» أو «هل تعتقد أن تصريحات حسن شحاتة في برنامج «في الميدان» مع إبراهيم عيسى ستعيد له شعبيته الكبيرة وتُنسي موقفه من الثورة؟»... كذلك تبقي متصفحيها على اطلاع على كل ما يجري على الشاشات لحظة بلحظة. ولعل كل هذه الخدمات جعلت عدد أعضائها يتجاوز الخمسة آلاف.