مثّلت إعادة حقيبة الإعلام إلى الحكومة المصرية مفاجأة مزدوجة: أولاً كان اختيار أسامة هيكل لتولّي منصب وزير الإعلام صادماً. أما المفاجأة الثانية، فكانت عودة حكومة عصام شرف خطوات إلى الوراء بعدما أعادت الوزارة التي ألغيت إثر سقوط نظام حسني مبارك. والحجة هنا كانت «حاجة قطاع الإعلام الحكومي إلى التنظيم وإعادة الهيكلة»، على أن تُلغى هذه الوزارة من جديد بعد تحقيق هذه الأهداف. طبعاً يرى المراقبون أن هذه الحجة غير منطقية بما أن التلفزيون المصري هو الوحيد الذي يتبع لوزارة الإعلام، إلى جانب بعض جهات الإنتاج.وكل هذه المؤسسات تحتاج إلى حملة تطهير شاملة، لا إلى وزارة لم تلعب يوماً أي دور لتحسين الأداء الإعلامي الحكومي. كذلك، فإنّ منصب رئيس «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» يضمّ كل القطاعات، من دون الحاجة إلى أي وزير مشرف على عمله. لكن يبدو أن «حكومة الثورة» فشلت في إيجاد رئيس للاتحاد بعد استقالة سامي الشرف، فلم يكن هناك حلّ إلا في عودة وزير الإعلام.
ولئن كانت عودة وزارة الإعلام صدمة للمصريين، فإن اختيار أسامة هيكل لخلافة أنس الفقي جاء ليزيد الطين بلة. شغل الوزير الجديد موقع مدير صالون الأوبرا الثقافي التابع لوزارة الثقافة التي كان يتولاها فاروق حسني لمدة 24 عاماً. وهو الوزير الذي قاطعه عدد كبير من المثقفين والأدباء احتجاجاً على سياساته «المخرِّبة للثقافة المصرية». ولم يجد يوماً هيكل مشكلة في عمله المزدوج في جريدة «الوفد» المعارِضة، ومع وزارة الثقافة. ولم يلوّح بالاستقالة من منصبه «الثقافي» حتى في عزّ الهجوم على فاروق حسني الذي لم يخرج من الوزارة لولا الثورة. كذلك لم يتردد أسامة هيكل في التعبير عن موقفه من التحركات الشعبية، إذ حذّر قبل اندلاع الثورة بيوم واحد من تكرار النموذج التونسي في مصر كما كان يفعل بالضبط كتّاب الصحف الحكومية. وقال هيكل في مقالته الشهيرة « لا أخفي حزني الشديد من الدعوة إلى مسيرة احتجاجية غاضبة غداً أمام وزارة الداخلية... ومنبع حزني هو هذا اليوم بالتحديد... ففيه انقلاب على ثوابت وقيم». وأضاف: «نحن الآن في أمسّ الحاجة إلى حوار حقيقي جاد بين النظام ومختلف القوى السياسية، فالتجارب تقطع بأن النظم تستمد قوتها من الشعوب، ولا يمكن مقارنة قوة النظام بقوة الشعب... مراجعة المواقف كلها الآن حتمية وواجبة... فلا أحد يريد عنفاً... ولا أحد يتمنى تغييراً على الطريقة التونسية... وأدعو الله أن يمر يوم غد بسلام». لكن وزير إعلام مصر الجديد فوجئ بأن النظام سقط وأن الثورة نجحت، واليوم الذي كان يريد أن يمرّ بسلام ـــــ يقصد 25 يناير ـــــ أصبح نقطة تحول في تاريخ مصر وجاء به وزيراً للإعلام.