دمشق | لم يخلُ العرض الافتتاحي الأول لفيلم «طعم الليمون» من المواقف المرحة والمحزنة في آن. احتشد عدد كبير من أهل الدراما السورية، ومن الإعلاميين، في صالة «سينما الكندي» في دمشق، لحضور باكورة نضال سيجري الإخراجية بعد العارض الصحي الذي ألم به، وأفقده القدرة على الكلام. حاول الممثل باسم ياخور ـــــ رفيق الدرب الفني الطويل لسيجري ـــــ اللجوء إلى المرح في تقديم الافتتاح للتغلب على مرارة المشهد. ألقى بصوته كلمة سيجري، ليصير صوته هذه المرة، بعدما كان ظله في الكثير من الأدوار الدرامية.الفيلم هو باكورة انتاج «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني» السورية، قدّم فكرته المخرج حاتم علي، وكتب السيناريو رافي وهبة، وأخرجه سيجري الذي استعان بالمخرج الليث حجو في الإشراف الفني. يقدم العمل قراءة مختلفة لواقع اللاجئين العراقيين في سوريا، اعتمدت حبكته على زيارة متوقّعة للممثلة الأميركية أنجلينا جولي إلى العاصمة السورية. زيارة ستكون محرضاً ومحركاً للأحداث ونافذةً لمعاينة حياة مجمل الشخصيات.
يجتمع عدد من المستأجرين في بيت اللاجئ الفلسطيني أبو يوسف (حسن عويتي) في إحدى ضواحي دمشق الفقيرة. كل واحد يحمل قضية وهماً إنسانياً مختلفاً: ليلى (أمل عرفة) فتاة عراقية غادرت بلادها هرباً من العنف، مثل مواطنها نجيب المضطرب نتيجة صدمات تعرض لها قبل هروبه من بلاد الرافدين (الممثل العراقي جواد الشكرجي).
يحضر الجولان أيضاً، من خلال شخصيتين يجسدهما جمال العلي وخالد القيش. تتحول حالة انتظار الشخصيات لجولي من أجل تفقد أحوال اللاجئين في بيت أبو يوسف، من حالة تلخّص معاناة لنماذج مختلفة من البشر... إلى فرصة للبوح بالأحلام والتطلعات المكسورة. كل شخصية تحلم بالعودة إلى وطنها، لكن هناك عوائق وأوجاع مختلفة تعيشها يومياً وتحول دون ذلك. تسهم زيارة جولي المرتقبة في إبرازها بدلاً من حلها، عندما تتجاهل لقاء أناس بسطاء، قضوا وقتاً طويلاً يحلمون بلقائها لتخلّصهم من أوجاعهم وتساعدهم في تحقيق أحلامهم.
يقارب الفيلم حالة الانقسام التي يعيشها فلسطينيو الشتات تجاه الحلول السلمية واتفاقيات السلام. هذا ما تقدمه حكاية أبو يوسف وصديقه أبو اسماعيل (عبد الرحمن أبو قاسم) التي تبدأ دوماً بالشجار وتنتهي بالمصالحة وشرب الشاي. في الفيلم أيضاً، خط درامي يقوده الطفلان فارس ويافا (لاريم ومحمد شنار) اللذان يحبّان السكاكر بطعم الليمون. لكنّ يافا تموت بينما كانت تلهو بمفتاح بيت جدها في فلسطين، وتقرر جولي تبني طفل عراقي من اللاجئين من دون أن تكترث بمقتل طفلة فلسطينية تحلم بالعودة إلى وطنها.
في تجربته الإخراجية الأولى، استطاع نضال سيجري التغلب على ضعف فكرة السيناريو المكرورة في الكثير من الأعمال، حين قدّم صورة بصرية جميلة وانسيابية، واستعان بالعمل الجماعي مع فريق من الفنيين والممثلين. هذا ما أكّدته أمل عرفة لـ«الأخبار» عندما قالت: «لم يشعر أحد من فريق العمل بصعوبة في التجربة الأولى مع نضال. الجميع كان مرتاحاً ومنسجماً مع القراءة الفنية للفيلم، مع أنها المرة الأولى التي أقف فيها أمام نضال بصفته مخرجاً. ربما يعود الأمر إلى التواصل والتفاهم الكبيرين اللذين جمعانا مع نضال في أعمال درامية مختلفة».
وهذا ما أكده سيجري عندما قال: «العمل الفني هو عمل جماعي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وهذه الحالة الجماعية اختبرتها كثيراً في المسرح، وكانت النتائج مرضية في معظم الأحيان. ولأن الكل لا يتجزأ، فقد نقلت هذه الحالة الجماعية إلى الشاشة». لكنّ سيجري نفى أن تكون هناك إسقاطات سياسية أو رسائل خفية لتزامن عرض الفيلم مع الاحتجاجات الشعبية في سوريا، وزيارة جولي نفسها لمخيمات اللاجئين السوريين في تركيا: «الفيلم كان مقرراً عرضه فور الانتهاء منه. إلا أن العملية والعلاج اللذين خضعت لهما في بيروت حالا دون عرضه مباشرةً».

«طعم الليمون»: «سينما الكندي»، دمشق. للاستعلام: 00963113131094