لم يصمد جسد آيمي واينهاوس النحيل طويلاً أمام جنونها. رحلت أول أمس السبت تاركةً خلفها ألبومَين غنائيَين، وخمس جوائز «غرامي»، وملايين المعجبين. موت النجمة البريطانية عن 27 عاماً في لندن، لم يفاجئ بعضهم، فصاحبة أغنية rehab طبعت مسيرتها بأحداث «غريبة» عكست شخصيّتها الثائرة. كذلك جعل صراعها الطويل والعلني مع المخدرات والكحول جمهورها يعلن سبب وفاتها حتى قبل نشر التقرير الرسمي: جرعة زائدة. رغم إدمانها وتصرفاتها المشاكسة والعنيفة أحياناً، تمكّنت واينهاوس من الانضمام إلى لائحة أبرز نجمات العالم، بعينيها المكحلتين، وشعرها الأسود الطويل، وصوتها «الأسطوري» كما وصفتها الصحافة الأميركية. وكانت النجمة الراحلة قد أصدرت ألبومها الأول «فرانك» عام 2003 فلاقى نجاحاً كبيراً في بلدها الأم. إلا أنّ انتشارها العالمي والهستيري كان عام 2006 مع ألبومها الثاني «باك تو بلاك»، فأعادت موسيقى الـ«سول» والـR&B إلى الضوء.. وتمكنت من الفوز بخمس جوائز «غرامي» في عام 2008، لتصبح بذلك أول فنانة بريطانية في العالم تفوز بهذا العدد من جوائز «غرامي». وإن كان صوت واينهاوس أوصلها إلى القمة الفنية، فإن تأثيرها في العالم الموسيقى تخطّى ذلك. ورأى فنانون كثيرون أنّ هذه النجمة أحدثت ثورة في عالم الموسيقى، إذ قالت ليدي غاغا، مثلاً، إن دخول واينهاوس إلى أميركا سهّل نجاح الفنانات «غير التقليديات» في عالم الموسيقى. كذلك وجد بعض نجوم بريطانيا أنها كانت جواز سفرهم إلى الولايات المتحدة.
لكن يبدو أن نجاحها هذا لم يزدها إلا جموحاً فقدت السيطرة عليه في أحيان كثيرة، كما كانت الحال في حفلتها في بلغراد الشهر الماضي: وقفت واينهاوس على المسرح أمام جمهور كبير، عاجزةً عن المحافظة على توازنها، أو تذكّر كلمات أغنياتها. وما زاد الطين بلّة انتشار فيديو الحفلة على مواقع الإنترنت، فدخلت النجمة البريطانية في كآبة دفعتها إلى إلغاء جولتها الأوروبية. أضف إلى ذلك لائحة طويلة من المواجهات مع الشرطة، تارة بتهمة حيازة المخدرات، وطوراً بتهمة ممارسة العنف ضدّ الآخرين. إلى جانب اضطرابات نفسية وجسدية، أبرزها إصابتها بمرض الأنوريكسيا، وهو ما يفسّر نحافتها الزائدة.
إذاً رحلت آيمي واينهاوس عن 27 عاماً، لتدخل بذلك «نادي 27» أو كما يسميه البعض forever 27 club، إلى جانب براين جونز (1969)، وجيمي هندريكس (1970)، وجانيس جوبلن (1970)، وجيم موريسون (1971)، وكورت كوباين (1994). هل هي المصادفة التي جعلت كل هؤلاء النجوم يرحلون في هذه السنّ؟ ربّما، لكن «قاسماً مشتركاً آخر جمعهم هو... إدمان المخدرات» قال المغني البريطاني بيلي براغ أمس. إدمان حوّل الأيقونة آيمي واينهاوس في ثوانٍ قليلة إلى جثة هامدة في لندن. وقد أثار موتها ردود فعل نجوم العالم، إذ قالت كيلي أوزبورن، الصديقة المقربة لواينهاوس، «لا أستطيع أن أتنفس، أنا أبكي كثيراً، لقد فقدت صديقتي المفضلة». أما ريهانا فقالت «أشعر بأن قلبي تحطم بسبب ذلك»، فيما كتبت ديمي مور على «تويتر»: «لترقد روحها المضطربة بسلام».
«يحاولون إقناعي بالذهاب إلى مركز إعادة التأهيل... وأقول لهم لا لا لا» تقول واينهاوس في أغنيتها الأشهر rehab، «يا ليتها قالت نعم، يا ليتها قالت نعم» كتب معجبوها بالآلاف على صفحتها الخاصة على فايسبوك أمس. لكنها أمنيات لن تتحقّق. رحلت آيمي واينهاوس، تاركةً خلفها مسيرة قصيرة، ناجحة، و... مثيرة للجدل.