للمرة الثالثة، يعود الفنان السويسري جوليان (جلال الدين) فايس إلى لبنان، على رأس فرقته «مجموعة الكِنْدي»، بعد زيارتيْن ضمن «مهرجانات بعلبك» عامي 2000 و2004. مساء اليوم، يقدِّم عازف القانون والباحث في الموسيقى الشرقية (الصوفية بشكلٍ أساسي) عملاً بعنوان Stabat Mater ضمن برنامج «مهرجانات بيت الدين». فايس (1953) بدأ مشواره عازفاً على الغيتار، غير أن تسجيلاً لعازف العود العراقي الراحل منير بشير عام 1976 غيّر وجهة اهتمامه من الغرب إلى الشرق. اختار آلة القانون، وراح يدرس أصولها حتى برع في العزف عليها، ثم انتقل للعيش في حلب وأسّس «مجموعة الكندي» التي تضم موسيقيّين ومنشدين ودراويش مولوية... وتتخصص في نقل التراث العربي ـــ الإسلامي (الصوفي) إلى الغرب، بطريقة لا تخلو من الإيكزوتيك «الاستشراقي».تعاون فايس مع كبار المنشدين السوريين، مثل أديب الدايخ، وحمزة شكّور وصبري مدلّل. علاقته الأكثر متانةً كانت مع التراث الإسلامي (اعتنق الإسلام عام 1986)، غير أن عرضه اليوم يُشرك الدين المسيحي في الحالة الصوفية... في ديكور تحاور الأديان الرائج هذه الأيام. عبارة «شتابات ماتر» تحيلنا إلى ذاك النص الليتورجي الذي يصف معاناة مريم العذراء عند أقدام ابنها المصلوب. وموسيقياً، نذكر رائعة الإيطالي برغوليزي الذي لحّن النص.
غير أن جلال الدين الذي ردّ على أسئلتنا في مراسلة إلكترونية مع «الأخبار»، يقول إنه استند في العنوان إلى ذاك النص الشهير، لكنّه فضّل اللجوء إلى الأناشيد البيزنطية التقليدية والآيات القرآنية وبعض القصائد الإسلامية التي تتناول شخصية مريم العذراء. أما نواة هذا العمل المسيحي ــ الإسلامي، فمقطوعة آلاتية من تأليفه، مبنية على المقامات العربية والتركية. يشرح فايس: «العمل هو لقاء غنائي بين الإنشاد البيزنطي وفن القصيدة الصوفية الحلبية والترتيل والتجويد. إنه سمفونية شرقية، مبنية على مقاطع موسيقية وأخرى غنائية وبعض التقاسيم. وينفذها موسيقيون ومنشدون عرب وأتراك وهنود. والجانب الكوريغرافي الصوفي يتولاه ثمانية دراويش».
من جهة ثانية، يكمن هوَسُ فايس بالموسيقى الشرقية في مسألة الأبعاد الصوتية، وتقسيم السلم الموسيقي بشكل «ميكرو ـــ نغمي». ما قد يتيح غوصاً روحانياً أعمق في التعبير الموسيقي. ورداً على سؤالٍ يتناول تغييب ربع الصوت تدريجاً عن ثقافتنا، يغوص فايس في ما توصلت إليه النظريات الموسيقية الشرقية القديمة في هذا المجال (العربية والتركية والهندية)، معتبراً أنه حتى طريقة الاستخدام الحالية للمقامات الشرقية ليست سوى اختزال لتعقيدات أكبر وأدق.

Stabat Mater : ٨:٠٠ مساء اليوم ــــ «مهرجانات بيت الدين» (لبنان): 01/999666