لا شك في أنّ ماركو مولر المدير الفني لـ«مهرجان البندقية السينمائي» (فينيسيا) يشعر بالارتياح. لقد استُقبلت التشكيلة الرسمية للدورة الـ 68 من الـ «موسترا» التي أُعلنت منذ أيام، بحفاوة نقدية غير مسبوقة. دوافع الارتياح أيضاً أنّ هذه الدورة التي وُصفت بـ«الذهبية»، ستكون «دورة الوداع» بالنسبة إلى مولر. بوسع مولر اليوم أن يفتخر، بأنّه صمد أمام المنافسة المتزايدة لمهرجان «تورنتو» الذي يقام في الوقت نفسه. بل جعل البندقية تسرق الأضواء من قلعة السينما الأبرز أي «كان». يؤكد ذلك برنامج الدورة التي تنطلق في 31 آب (أغسطس) وتستمرّ حتى 10 أيلول (سبتمبر) المقبل: 21 فيلماً تتسابق على «الأسد الذهبي»، إضافة إلى 14 فيلماً خارج المسابقة.
بمشاركة كوكبة من كبار الفن السابع، لم يسبق أن اجتمع مثلها في دورة واحدة من أي مهرجان. سبعة مخرجين مكرّسين، في مقدمهم الكندي دايفيد كروننبرغ العائد بفيلمه «الأسلوب الخطر». والمعلم الروسي ألكسندر سوكوروف يعود هو الآخر بعد خمسة أعوام ليقتبس أسطورة «فاوست» في عمل سيثير الجدل.
عائد آخر هو الفرنسي من أصل بولوني رومان بولانسكي الذي يحضر بأول عمل يصوّره بعد المتاعب القضائية التي تعرض لها. فيلمه «المذبحة» مقتبس عن مسرحية شهيرة لياسمينة رضا، ويتقاسم بطولته كريستوف فالتز وجودي فوستر وكيت وينسليت.
السينمائية الصينية آن هوي، رائدة «الموجة الجديدة» في هونغ كونغ الثمانينيات، تحضر بفيلم «حياة بسيطة». بينما يشارك عرّاب سينما الهامش الأميركية، أبيل فيرارا، بجديده «4:44 اليوم الأخير على الأرض». أما الفرنسي فيليب غاريل الذي نال «الأسد الفضي» في آخر مشاركة له عام 2005 بفيلم «العشاق المنتظمون»، فيعود هذه السنة بـ«صيف حارق» الذي تؤدي بطولته مونيكا بيللوتشي. ومن المتوقّع ألا يمرّ «الحصان الأسود» للسينمائي الأميركي تود سولندز عابراً. هذا الفيلم هو محطة إشكالية جديدة في أعمال هذا المخرج المثير للجدل المعروف برؤيته المغرقة في السوداوية.
وتقدّم الموسترا خمسة وجوه واعدة لفتت الأنظار بأعمالها الأولى. في مقدمة هؤلاء البريطاني ستيف ماكوين الذي سينافس على «الأسد الذهبي» بشريطه «العار»، بعدما لفت الأنظار بعمله السابق «جوع». وهناك بريطانية أخرى، هي أندريا أرنولد، ستسجل هي الأخرى حضوراً لافتاً في هذه الدورة بفيلمها الروائي الثالث «مرتفعات ويذرينغ». وكانت أرنولد قد لفتت الأنظار منذ باكورتها Wasp (أوسكار أفضل فيلم قصير ــــ 2004)، ثم خطفت جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان كان» مرتين، بفيلمها «الدرب الأحمر» (2006) ثم بـ «حوض الأسماك»
(2009).
مخرجة أخرى فائزة بجائزة لجنة التحكيم في «كان»، هي الإيرانية مرجان ساترابي (عن باكورتها Persepolis ــــ 2007)، ستكون حاضرة في هذه الدورة من الموسترا بعملها الثاني «دجاج بالبرقوق» (بطولة ماثيو أمالريك، وإيزابيلا روسيليني).
أما الجانب الفخري من البرنامج، ويضمّ الأفلام التي تشارك في التشكيلة الرسمية خارج المسابقة، فلا يقل تميزاً. ستكون للسينما الأميركية حصة الأسد بأربعة أفلام من أصل 14. ابن هوليوود المدلل، ستيفن سودربرغ، سيقدّم جديده «عدوى» (إنتاج مشترك أميركي/ إماراتي) الذي تتقاسم بطولته كوكبة من نجوم هوليوود: مات ديمون، وجود لو، وغوينيث بالترو، فضلاً عن الفرنسية ماريون كوتيار والمصري عمرو واكد. وهناك أيضاً ثلاثة نجوم أميركيين بارزين يقفون وراء الكاميرا، رغم أنّ هذه ليست مهنتهم الأصلية: جورج كلوني، آل باتشينو، ومادونا.
«منتصف آذار» (إخراج جورج كلوني وبطولته) سيُعرض في افتتاح الموسترا، يليه فيلم W.E. الذي استوحته مادونا من قصة الحب الشهيرة بين الملك إدوارد الثامن وعشيقته الأميركية واليس سيمبسون، وهو ما قاد الملك البريطاني إلى التنازل عن العرش من أجل حبيبته. أما Wilde Salome الذي يحمل توقيع النجم آل باتشينو، فستحتضنه الموسترا في مناسبة منحه جائزة Glory to the Filmmaker التي سيكون بطل «العرّاب» رابع شخصية سينمائية تنالها.
السينما الإسرائيلية التي تطلق عليها صفة «التقدّميّة» أحياناً، ستكون حاضرة عبر عيران ريكليس. يرى بعضهم أن هذا المخرج من التيّار النقدي في الكيان الغاصب. سبق أن قدّم «العروس السورية» (2004)، و«أشجار الليمون» (2008)، وسيدخل المسابقة بفيلمه «المبادلة». أما العرب، فحاضرون هذه السنة بخجل في التظاهرات الموازية (راجع البرواز)، ومن خلال فيلم الفرنسية يولاند زوبرمان «هل تريد ممارسة الجنس مع عربي؟»...



حضور عربي خجول

قد لا يكون غياباً كاملاً للسينما العربية عن «البندقية». خارج البرمجة الرسميّة، تشارك مصر بأفلام «الطيب» (تامر عزت)، و«الشرس» (آيتن أمين)، و«السياسي» (عمرو سلامة)، إضافة إلى «تحرير 2011: الطيب، الشرس والسياسي»، وهو فيلم وثائقي يرصد وقائع الثورة المصرية من زوايا مختلفة. سوريا حاضرة بفيلمين تجريبيّين هما «النهاية» و«الطلائع»، لـ«مجموعة أبو نضارة» (شركة مستقلة، أسسها عام 2010 شريف كيوان ومايا الخوري وريم خطاب). يعرض أيضاً ضمن تظاهرة «آفاق»، فيلم «حاضنة الشمس» لعمار البيك. كذلك تشارك سوزان يوسف بـ«حبيبي راسك خربان». الفيلم الروائي اقتباس لـ«مجنون ليلى»، تدور أحداثه في غزة.