رام الله | صباح أمس، تجمّع عشرات الفلسطينيين أمام مبنى فضائية «فلسطين» في رام الله احتجاجاً على عرض التلفزيون مسلسل «في حضرة الغياب». وكان هؤلاء قد أسسوا مجموعة على فايسبوك بعنوان «المشاهد العربي يريد الاحتفاظ بصورة محمود درويش»، دعوا فيها إلى تحركات شعبية تؤدي إلى وقف المسلسل. ويقول مجد هشهش، أحد المشرفين على الصفحة في حديث مع «الأخبار»، إنّ «عدد المشاركين في الاعتصام كان مخيّباً للآمال. مع ذلك، سنتابع نشاطاتنا المعارضة، ومن بينها فتح حلقات نقاش يومياً بعد عرض كل حلقة». ويضيف هشهش إنّ المعتصمين قدّموا أمس عريضة إلى المسؤولين في فضائية «فلسطين»، لكن هؤلاء شدّدوا على«رفض وقف بث أي مادة تلفزيونية». وأكد المدير العام للمحطة محمد الداهودي أن «التلفزيون ليس جهة إنتاج، وليس له أي علاقة بالمعالجة الدرامية للمخرج»، مضيفاً إن «في حضرة الغياب» هو «عمل درامي وليس ،وثائقياً ليصوّر درويش كما كان».وشارك في الاعتصام عازف العود سمير جبران. وحمل هذا الأخير على إدارة التلفزيون لقبولها بث العمل بكل الأخطاء اللغوية في القصائد. وقال إنهّ «يرفض أي عمل يتناول حياة درويش كإنسان، لأن درويش نفسه رفض ذلك... وليعلموا أنّ خطأً نحوياً واحداً كان يؤلم درويش، فكيف الحال وقصائده تقرأ بركاكة في المسلسل؟». من جهته، يرى الكاتب زياد خدّاش أن الإشكالية الحقيقية تكمن في قبول «أحد أشقاء درويش العمل وإبلاغ المنتج موافقة العائلة». ولم يسلم مرسيل خليفة من انتقادات المعتصمين بسبب مشاركته في العمل.
لكن لماذا هذا الهجوم العنيف على المسلسل؟ يبدو الجواب واضحاً بالنسبة إلى المنتقدين: هذا العمل يسيء إلى الشاعر الراحل «وإلى كل فلسطين» يقول هؤلاء. ولا يتردّد أعضاء الصفحة في القول إن «العمل مَليء بالعواطف الرخيصة ويَقتُل الذاكرة الحيّة... من أجل الربح فقط»! وقد قابل زكي درويش، شقيق الشاعر الراحل، المشرفين على الصفحة، وعبّر عن موقفه الرافض للعمل، مضيفاً إنه يعبّر عن موقفه الخاص لا عن موقف العائلة.
إلى جانب ما سبق، فإن النصوص التي يقرأها إبراهيم في المسلسل تعاني «ضعفاً في الإلقاء وأخطاء لغوية» تقول الكاتبة وفا ربايعة، وهي ناشطة أيضاً في التجمع الرافض للمسلسل على فايسبوك. وتضيف إن هناك «مغالطات تتعلق بالأشخاص الذين يتطرّق إليهم العمل، وتحديداً عاشقات درويش».
وكانت قد انتشرت على الإنترنت مقالة مطولة كتبتها واحدة من أعلام التدوين في فلسطين هي أسماء الغول. وقالت فيها «لم تنفع الحملة الإعلامية التي قادها بعض الناشطين في دبي لمحاولة إيقاف عرض المسلسل (...) والآن بعد الحلقات الأولى، نحن نتأكد من فجاعة الركاكة ومحاولات التشويه...». وما أعطى دفعاً إضافياً للمعارضين كان إصدار «مؤسسة محمود درويش» بياناً تتبرأ فيه من العمل وتطالب بوقفه.
أما وزيرة الثقافة الفلسطينية، سهام البرغوثي، فقالت لـ«الأخبار» إنها شاهدت حلقة المسلسل الأولى، وتحترم رأي المعترضين «لكن الموقف من العمل يحتاج إلى شيء من الروية ومتابعة الحلقات حتى تتضح الصورة». من جهته، قال مدير البرامج في تلفزيون «فلسطين» إن عرض المسلسل «لن يتوقف مهما تصاعدت الضغوط»، منوّهاً بأهمية عرض عمل عن شاعر فلسطيني على 12 فضائية لمشاهدين لا يعلم معظمهم الكثير عن درويش.
وكان لافتاً أن الانتقادات الموجّهة إلى المسلسل طاولت فراس إبراهيم شخصياً على مستويَين: الأول يطاول عجزه عن أداء شخصية «شاعر الأرض»، والثاني يرتبط بموقفه من الأحداث السورية، ومساندته للنظام.
يذكر أن الناشطين في الحملة المضادة للعمل ينوون القيام بتحرّك داخل الأراضي المحتلة عام 1948، من دون أن يتّضح بعد ما إذا كان سيقام في الناصرة، أو أمام منزل عائلة درويش في حيفا.