«صحيفة «السفير» تحوّلت من مؤسسة عائلية إلى شركة». هذا ما تبلّغه العاملون في الجريدة اللبنانية العريقة الأسبوع الماضي، في رسالة خطية بعثت بها الإدارة، تكشف عن دخول شريك جديد في الصحيفة، هو رجل الأعمال السوري ـــــ الأميركي جمال دانيال. دخل المساهم الجديد بحصة عشرين في المئة من رأسمال المؤسسة، أي ما قيمته سبعة ملايين دولار، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام.
وقد عجزنا عن تأكيد المعلومة من مصادر «السفير» رغم محاولاتنا الحثيثة حتى لحظة كتابة هذه السطور. وتأتي هذه الخطوة بعد الأزمة المالية التي تواجهها الصحافة اللبنانيّة منذ اندلاع الثورات العربيّة. وتشيد الرسالة بالشريك الجديد، بصفته «رجلاً عروبياً رغم إقامته بعيداً عن العالم العربي»، فدانيال يعيش ويدير أعماله في هيوستن، الولايات المتحدة. الخطوة «الإنقاذية» بالنسبة إلى العاملين في الصحيفة، تفتح صفحة جديدة في تاريخ هذه التجربة التي احتلّت مكانة مميّزة في الإعلام اللبناني والعربي منذ انطلاقتها عام 1974، وبقيت مرتبطة بشخص ناشرها الإعلامي طلال سلمان، لكنّ تساؤلات عدّة بدأت تطرح، في أوساط التحرير، عن شخص المساهم الجديد وطموحاته وأهدافه، وخصوصاً أنّه رجل أعمال متنفّذ، له مصالحه الاقتصادية وعلاقاته الدولية. وكانت أولى إطلالاته مقالة، في صفحات السياسة لا الرأي، بعنوان «دينامو السلام المفقود في المشرق» («السفير»، 4/ 8/ 2011). تناول دانيال فيها «اللعبة النفطية في المنطقة»، مشيراً إلى أن «تغذية عملية السلام (باتت) للمرة الأولى، مرتبطة بثروة المنطقة (...) وبذلك، فإن الحوافز المالية لعملية السلام سوف تطرح كوصفة جديدة على طاولة البحث في الشرق الأوسط». ليختم: «قد تستطيع السياسة المتنازعة على الأرض (بين لبنان وسوريا وإسرائيل وقبرص) إيجاد قضية مشتركة في البحر». ويرى فريق آخر داخل التحرير أن ابن مدينة طرطوس لن يؤثّر في خط الجريدة، لكونه لا يمتلك إلا عشرين في المئة فقط من الأسهم، لكن لا يبدو أن ادارة الجريدة أعطت أية توضيحات بهذا الخصوص إلى هيئة التحرير. يتمتّع جمال دانيال بشبكة مهمّة من العلاقات السياسية والاقتصادية. فالمليونير السوري صديق شخصي لنيل بوش، شقيق الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، وتربطه به علاقات اقتصادية متينة، وخصوصاً أنهما شريكان في «كرست للاستثمارات» حسب الـ «فايننشل تايمز». هذه الشراكة فتحت الباب أمام استثمارات نفطية عدة في الولايات المتحدة (تكساس تحديداً)، وفي الشرق الأوسط («لوس أنجلس تايمز»)، كما أسس الشريكان «نيو بريدج ستارتيجيز»، وهي شركة تسعى «إلى الاستفادة من فرص العمل التي تلت الحرب الأميركية على العراق»، وفق ما جاء في موقعها الإلكتروني. وتضمّ الشركة نفسها مجموعة من الأسماء التي أدارت حملة جورج بوش الانتخابية عام 2000 حسب المصدر السابق. وذكرت بعض المصادر الدبلوماسية السورية عام 2003، أن دانيال أدى دوراً في ترطيب الأجواء بين سوريا والولايات المتحدة إثر اجتياح العراق، حسب صحيفة «البيّنة» العراقية. باختصار يبدو المساهم الجديد في «السفير» صاحب وزن اقتصادي وسياسي فاعل في العلاقات العربية ـــــ الأميركية، ما جعل صحافيين في المؤسسة المعنيّة يطرحون تساؤلات عن الدور الذي ينوي الاضطلاع به في لبنان، وخصوصاً أنّ البلد الذي نشأ فيه دانيال، مقبل على منعطف مهمّ سياسياً واقتصادياً، بما في ذلك التنقيب عن النفط والغاز في البحر الذي تناوله في مقالته الأولى.