غزة | منذ مقتل جوليانو مير خميس في نيسان (أبريل) الماضي، و«مسرح الحرية» الذي أسّسه عام 2002 في مخيّم جنين، عرضة للمداهمات الإسرائيلية المتكررة بحجة مواصلة التحقيق في مقتل الفنان المسرحي الفلسطيني. لكن بعد كل الاعتقالات والاستجوابات، لم تصل تحقيقات السلطة الوطنية والاحتلال إلى نتيجة! بل إنّ هذه المراوحة كانت ورقة رابحة استغلتها إسرائيل لتعطيل مشاريع «مسرح الحرية» الذي أراده صاحب «أولاد أرنا» شكلاً آخر من النضال الذي بدأته والدته أرنا مير التي نذرت نشاطها للقضية الفلسطينية. خوف الطلاب من تلك المداهمات أدّى إلى هجرة «مسرح الحرية» الذي كان بمثابة بيتهم الثاني. لهذا فكّروا في البحث عن مكان آخر يستكملون فيه تدريباتهم الأخيرة، فاختاروا «مسرح القصبة» الذي احتضن بروفاتهم على مسرحية «في انتظار غودو». مدير المسرح وصديق «جول» المسرحي الفلسطيني جورج إبراهيم، أعرب عن أسفه حيال ما يحدث بحق المسرح، رافضاً أي محاولة لإغلاقه. لكنّه لا يحمّل القوات الاسرائيلية مسؤولية ما آل إليه المسرح من إغلاق وتفتّت وهجرة ممثليه. بنظره، الفلسطينيون هم المسؤولون عن ذلك عندما «تسبّبوا بمقتل جوليانو، إضافة إلى تخوّف الممولين الأجانب من مساعدة المسرح»، مضيفاً إنّ أهل جنين يخافون وجود مسرح متمرّد يعارض تقاليدهم وعاداتهم. لكنّ المسرحي الفلسطيني أغفل ما قاله جوليانو خميس نفسه في إحدى المقابلات التي أجريت معه قبل أشهر من اغتياله. إذ قال «إنّ «مسرح الحرية» يواجه مشكلتين: الأولى هي المجتمع الفلسطيني لأنّنا نتحدى المشاكل والعادات ودكتاتورية التقاليد. والثانية كانت الاستخبارات الإسرائيلية. نحن نربي جيلاً غير مريح للاحتلال، وهو جيل مفكر وجريء نأمل أن لا يقع في حفر الاحتلال».
«الاحتلال الإسرائيلي ليس من مصلحته الانفتاح على الثقافة الإنسانية والعالمية، بل يفضّل بقاء الصورة النمطية المتخلّفة للشعب الفلسطيني» هذا ما اتفق عليه الكاتب الصحافي مهند عبد الحميد ومدير مركز «الكمنجاتي» إياد ستيتي اللذان يطالبان بمحاكمة قاتل جوليانو عاجلاً أو آجلاً. وبينما يعزو عبد الحميد انطفاء المسرح إلى الثقافة المحافظة المسيطرة حالياً على المجتمع الفلسطيني، يرى ستيتي أنّ الاعتقالات والمداهمات التي تقوم بها قوات الاحتلال انعكست سلباً على نشاط المسرحيين العاملين في «مسرح الحريّة»، وأدّت إلى حالة من عدم الاستقرار قد تؤدي فعلاً إلى إغلاقه.