بنغازي | يبدو أنّ الأدب العربي سيشهد تغيّرات قريباً، وسيبتعد عن الذات وطرح الأسئلة الوجودية بفضل الثورات العربية التي انطلقت من تونس لتعم بقية البلدان العربية. شاب جزائري لم تعلن بلاده ثورتها بعد رغم أنها مرشحة للاندلاع في أي وقت، يعيش ثورات الدول المجاورة، ويشارك في إرهاصاتها الأولى من خلال التدوين الإلكتروني والالتحام بالناشطين التونسيين في تظاهراتهم ووقفاتهم الاحتجاجية.يوسف بعلوج، هذا الشاب الرحالة سافر إلى تونس قبل الثورة وبعدها. ورصد الحياة في بلاد الطاهر الحداد، وقارنها بحذر ببعض مظاهر الحياة في الجزائر. لا يشعر بأن الثورة قد قامت في تونس فقط. لقد قامت أيضاً في بلد المليون ونصف المليون شهيد منذ أيام الاستعمار الفرنسي، لكن سرقها المجاهدون المزيفون والساسة والتجار والمجرمون.

في تونس التقى فعاليات ثقافية وسياسية من مختلف الأطياف، حاورها بصراحة وبعفوية ومن دون أي إعداد مسبق للأسئلة. أسعفته في ذلك ثقافته الجيدة واقترابه وامتزاجه في المشهد المغاربي من خلال مشاركاته ونشاطاته الإلكترونية. طرح أسئلة محرجة أحياناً. أسئلة كأنها تحقيق، إذ لا بد من أن يعرف القارئ كل شيء، وأن يقف على حقيقة الأوضاع... لم يحمل معه عدة الصحافي التقنية الكبيرة، وميزانيته المالية بسيطة جداً. سلاحه هاتفه الخلوي الذي استخدمه كآلة تصوير ومسجّل للصوت. أفرغ حواراته على مهل وبكل أمانة ودوّنها. وبتشجيع من بعض المبدعين الجزائريين والتوانسة، انخرط في تدشين كتابه عن ثورة تونس فكان «على جبينها ثورة وكتاب ــــ حوارات تونسية بعد الثورة» (منشورات فيسيرا ــــ الجزائر). وها هو يصدر العمل ليكون حاضراً في «معرض الجزائر الدولي للكتاب» الذي يقام هذا الشهر.
قسّم بعلوج الكتاب إلى أجزاء عدة سمّى كل جزء «جبين»، فنجد مثلاً: «جبين السياسة»، الذي يحتوي على خمسة حوارات مع كل من رئيس الحزب الاشتراكي اليساري التونسي محمد الكيلاني، مسؤول العلاقات في حزب «التجديد» سليم بن عرفة، المناضلة الحقوقية سهام بن سدرين، رئيس حزب العمل الوطني الديموقراطي عبد الرزاق الهمامي، والقيادي في حزب «النهضة» عبد اللطيف المكي.
أيضاً نجد «جبين التدوين» الذي يضمّ حوارين مع كل من: المدون والوزير المستقيل من الحكومة التونسية الموقتة المدوّن سليم عمامو، ورئيسة جمعية المدونين التونسيين فاطمة الرياحي.
أما الجبين الثالث، فهو «جبين الكتابة» الذي يشمل خمسة حوارات أجريت مع كل من: الروائي ومؤسس رابطة الكتاب الأحرار جلول عزونة، الكاتب والأكاديمي محمود طرشونة، الكاتب والصحافي سمير ساسي، الناشر والصحافي كارم الشريف، وأصغر روائي تونسي شادي بن حميدة.
والجدير بالذكر أن الكاتب الشاب يوسف بعلوج من نشطاء المدونات الإلكترونية المعروفين، إذ إنّ مدونته «الفزاعة» معروفة جداً في الوسط الإلكتروني، وهو أيضاً يكتب الشعر الحديث، ويسهم في الصحافة الجزائرية عبر العديد من المقالات ذات النكهة التهكمية والساخرة. الكتب عن الثورات ستتواصل، والثورات وطنها كل العالم، ولا تختزل في مكان واحد. هذا جزائري يكتب عن ثورة تونس، وذاك مصري يكتب عن ثورة ليبيا، وتلك مغربية تكتب عن ثورة سوريا... ستتواصل الكتابات عن الثورات العربية، وخصوصاً من كتّاب لم تقم في بلادهم ثورة بعد. وهذا الأمر يمنحنا إسقاطاً نفسياً عميقاً لِما يشعر به الشباب العربي تجاه أنظمتهم السياسية، وما يضطرم في قلوبهم من نبض حر ينتظر ربع فرصة كي يزغرد.



«الفزاعة»

تعرّف مدوّنة «الفزّاعة» عن نفسها بأنّها مدونة عامة ثقافية فنية، ذات اهتمامات بمجالات أخرى تخص التدوين والإعلام الجديد. تخصّص المدونة قسماً للجزائر. وفي آخر المقالات التي كتبها يوسف بعلوج، واحدة تعود إلى الشهر الماضي، حيث يهاجم بعلوج المثقفين الجزائريين الذين وقفوا إلى جانب النظام الليبي ضد شعبه.
www.alfazzaa.com