دمشق | في رمضان الأخير، اجتمعت الكاتبة السورية أمل حنا والمخرج المثنى صبح للمرة الثانية، بعد نجاح تعاونهما الأول عام 2007 في مسلسل «على حافة الهاوية». هذا العام، أعاد الثنائي التجربة في «جلسات نسائية» الذي حصد نجاحاً جماهيرياً لافتاً.اختارت حنا في عملها الأخير الابتعاد عن الموضة الرائجة في الدراما السورية، أي العشوائيات والجريمة، فأدخلتنا إلى حياة أربع نساء، يجتمعن دائماً للحديث عن حيواتهنّ: البطلة الأولى هي عايدة (يارا صبري) المتزوجة برجل مطلّق لديه أولاد. وبعد فشل محاولاتها للإنجاب، تقرّر تبنّي طفل، يوتّر العلاقة بينها وبين زوجها. أما الشخصية الثانية فهي هالة (نسرين طافش). وتجسد شخصية امرأة مطلّقة تعيش مع ابنتها الوحيدة منى التي ترفض أن ترتبط أمها بشخص تحبه. بينما تمثل سلمى (ناظلي الرواس) الحالة الثالثة. وهي نموذج عن المرأة التي لم تتزوّج، وتبحث عن فرصة للارتباط. وتبقى الشخصية الرابعة وهي رويدة (أمل بوشوشة) صديقة الأخوات الثلاث التي تطلّق زوجها بسبب خيانته المتكرّرة.
هكذا، يسير النص من دون إثارة متعمدة أو تشويق، وبعيداً عن التصعيد الدرامي الذي يبلغ الذروة مع اقتراب نهاية المسلسل. نتابع في «جلسات نسائية» حالات إنسانية واقعية، وشخصيات نصادفها في حياتنا اليومية، فتسير الأحداث ببطء الحياة الطبيعية، من دون الالتفات إلى المتعة التي يجب أن يخلقها الحدث. كذلك اختارت كاتبة العمل نهاية سعيدة لشخصيات مسلسلها بدت كالنهايات الهندية، وهو ما لا يتفق مع الأسلوب الواقعي الذي ينتمي إليه العمل.
ولا شكّ في أن ما زاد من نجاح العمل كان لمسة المخرج المثنى صبح الذي حقق في هذا العام نقلة نوعية من خلال صناعته صورة مبهرة وجديدة كلياً على الدراما العربية. واستعاض عن غياب الحدث المشوّق، بلغة تصويرية أكثر جاذبية وتشويقاً من حوارات أمل حنا، فينتقل من مشهد إلى آخر بتراتبية وانسيابية تريح عين المشاهد. والأهم كانت الخيارات الموفّقة لبعض ممثلي العمل، مثل يارا صبري. بينما يُعَدّ خيار اللبناني رفيق علي أحمد والجزائرية أمل بوشوشة بمثابة مغامرة من المخرج الذي كسب الرهان عندما أتقن الممثلان غير السوريين اللهجة الشامية. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن بعض النجوم المعروفين، أطلوا بصورة مختلفة وإيجابية في هذا العمل مثل ميلاد يوسف الذي تجاوز في أدائه هذا كل أدواره السابقة. كذلك ظهر سامر المصري بنفس جديد مختلف عن شخصية «أبو شهاب» التي أداها في باب «الحارة». من جهة أخرى، برع صبح في تصوير ما يشبه الكليبات ضمن المسلسل، ما مثّل عامل جذب جديداً للمشاهد. باختصار، يمكن القول إن «جلسات نسائية» حقق نجاحاً إخراجياً واضحاً تجاوز كل فجوات النص.